على عبادة ، مع استحقاقهم لذلك ، ولو سلم (١) اعتراف الخصم بالملازمة بين
______________________________________________________
تعالى على العباد لم تدل الآية على البراءة ؛ لعدم دلالتها حينئذ على عدم الاستحقاق الذي هو معنى البراءة ؛ لأن نفي الحكم ملازم لنفي الاستحقاق من باب انتفاء المعلول عند انتفاء العلة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن المنفي في الآية فعلية العقاب ، لا استحقاقه ، ومن المعلوم : إن نفي الفعلية لا يدل على نفي الاستحقاق ؛ إذ نفي الفعلية ربما يكون من باب المنّة والتفضل ، مع أن محل الكلام بيننا وبين الأخباريين هو نفي الاستحقاق الكاشف عن نفي التكليف ، وظاهر المصنف : هذا الإيراد الثالث ، فهذه الآية المباركة لا تدل على البراءة. وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
والمشار إليه «لذلك» هو العذاب يعني : مع استحقاق العباد للعذاب ، فلا يدل نفي الفعلية على نفي الاستحقاق ، حتى يصح الاستدلال بها على البراءة.
(١) لما أنكر المصنف «قدسسره» الملازمة بين نفي الفعلية والاستحقاق الذي هو مبنى الاستدلال بالآية على البراءة ، أشار إلى دفع ما ذكره الشيخ الأنصاري «قدسسره» ، من أن الآية الشريفة وإن كانت ظاهرة في نفي الفعلية لا نفي الاستحقاق ؛ لكنه لا يضر بصحة الاستدلال بها على البراءة المنوطة بدلالتها على نفي الاستحقاق ؛ إذ الخصم ـ وهو المحدث القائل بوجوب الاحتياط في الشبهات ـ يعترف بالملازمة بين الاستحقاق والفعلية ، فينتفي الاستحقاق بانتفاء الفعلية ، فإذا دلت الآية على نفي الفعلية صح الاستدلال بها على البراءة ؛ لاعتراف الأخباري بالملازمة بين نفي الفعلية ونفي الاستحقاق.
أما اعترافه بالملازمة : فيظهر من دليله ، حيث أنه يستدل بأخبار التثليث الدالة على أن ارتكاب الشبهة موجب للوقوع في الهلكة ، وظاهرها هو : الهلكة الفعلية لا صرف الاستحقاق لما ورد فيها «ومن اقتحم الشبهات هلك من حيث لا يعلم» ، وعليه : فإذا انتفت الفعلية بالآية انتفى الاستحقاق بمقتضى الملازمة التي يعترف بها الخصم. هذا ملخص تصحيح دلالة هذه الآية على البراءة.
وأما الدفع : الذي ذكره المصنف فهو يرجع إلى وجهين :
الأول : أن الاستدلال على البراءة بالآية الشريفة يكون حينئذ جدليا لا حقيقيا ، حتى يجدي في إثبات المدعى.