.................................................................................................
______________________________________________________
بتقريب : أن المراد من الموصول هو التكليف ، والمراد من الإيتاء هو الإعلام ، وبيان التكليف وإيصاله إلى المكلف ، فيكون معنى الآية حينئذ : «لا يكلف الله نفسا إلا تكليفا أعلمها به وأوصله إليها فالتكليف الذي لم يصل إلى المكلف مرفوع عنه ، فدلالة الآية على البراءة على هذا الاحتمال واضحة.
والجواب عنها : أن كون التكليف مرادا من الموصول مجرد احتمال ؛ بل ينافي مورد الآية وهو المال ، فالمراد من الموصول هو : المال ، والمراد من الإيتاء هو : الإعطاء ، فمعنى الآية : لا يكلف الله نفسا إلا ما أعطاها من المال. فالآية أجنبية عن مسألة البراءة.
٢ ـ وأما قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) فناظر إلى اشتراط التكليف بالقدرة ، فمفادها عدم صحة التكليف بغير المقدور ، فلا ربط لها بمسألة البراءة أصلا.
وكذلك قوله تعالى : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) ليس مفادها نفي التكليف قبل البيان ؛ بل المراد من الهلكة : هو الموت ، والمراد من الحياة : هو الإسلام ، والمراد من البينة : هو خصوص المعجزة الدالة على صدق نبوة نبينا محمد «صلىاللهعليهوآله سلم».
فلا علاقة بمسألة البراءة أصلا.
٣ ـ أظهر الآيات : قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).
وجه الأظهرية : أن هذه الآية ظاهرة في نفي العذاب قبل بيان الأحكام ؛ لأن بعث الرسول كناية عن بيان الأحكام للأنام ، فلا عقاب على مخالفة التكليف غير الواصل إلى المكلف ، وهذا معنى البراءة.
وعمدة الإيراد على الاستدلال بهذه الآية : أن دلالة الآية على البراءة تتوقف على ثبوت الملازمة بين نفي فعلية التعذيب وبين نفي استحقاقه ، فبالآية تنفي فعلية العذاب ، وبالملازمة ينفي استحقاقه ، ولازم عدم الاستحقاق : عدم التكليف. هذا معنى البراءة.
والجواب عنها : هو عدم ثبوت الملازمة بينهما ؛ لأن المنفي بالآية فعلية العذاب ، ونفي الفعلية لا يدل على نفي الاستحقاق ؛ إذ ربما لا يكون العذاب فعليا من باب التفضل والمنّة مع ثبوت الاستحقاق ، مع أن محل الكلام بين الأصولي والأخباري هو نفي الاستحقاق الكاشف عن عدم التكليف ، فهذه الآية لا تدل على البراءة.
٤ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
هو عدم تمامية دلالة الآيات على البراءة.