الاقتحام في الهلكة» للإرشاد؟ مع أن الهلكة ظاهرة في العقوبة ، ولا عقوبة في الشبهة البدوية (١) قبل إيجاب الوقوف والاحتياط ، فكيف يعلل إيجابه (٢) بأنه خير من الاقتحام في الهلكة؟
______________________________________________________
التعليل بقوله : «فإن الوقوف» : كون الهلكة ثابتة قبل إيجاب الاحتياط ؛ لأن الهلكة في هذه الأخبار موضوع للحكم بوجوب التوقف ، ومن المعلوم : تقدم الموضوع على الحكم ؛ لأنه كالعلة له ، فلا بد أن تكون العقوبة مفروضة الوجود قبل الأمر بالتوقف حتى يكون إيجابه لأجل التحرز عنها ، ومن الواضح : أن هذه الهلكة ليست على مخالفة الإلزام الواقعي المجهول ؛ لقضاء قاعدة قبح العقاب بلا بيان بقبحها ، فلا بد أن تكون على التكليف المنجز بغير الأمر بالتوقف ، وإلا لزم الدور ـ كما سيأتي ـ وحينئذ : فيختص الأمر بالتوقف بالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، والشبهة البدوية قبل الفحص ، ويكون الأمر بالاحتياط إرشادا إلى حكم العقل بوجوبه ؛ لتنجز الواقع بالعلم الإجمالي ، ولا مساس له بالشبهة البدوية بعد الفحص.
نعم ؛ إذا كان أمر الاحتياط نفسيا لا إرشادا إلى التحفظ على الأحكام الواقعية ترتب استحقاق العقوبة على مخالفته ؛ لكن لازمه أجنبية التعليل عن المعلل ؛ لعدم كون التوقف في الشبهة البدوية بعد الفحص معلولا للعقوبة الواقعية ؛ بل واجبا مستقلا مستتبعا للمؤاخذة على مخالفة نفسه ، مع أن ظاهر التعليل بقوله «عليهالسلام» : «فإن الوقوف عند الشبهة ...» هو التحرز عن عقوبة التكليف الواقعي المجهول ، وقد عرفت : أن لازم ذلك وجود الهلكة قبل الأمر بالاحتياط حتى يحسن الإرشاد إليه بالأمر بالتوقف.
قوله : «للإرشاد» خبر لقوله : «لا يكون».
(١) لاعتراف المحدثين بكونه من العقاب بلا بيان المتسالم قبحه وعدم صدوره من الحكيم ؛ لكنهم يدعون وجود التكليف الظاهري وهو وجوب الاحتياط.
(٢) هذا الضمير وضمير «بأنه» راجعان على الوقوف والاحتياط يعني : بعد أن اتضح لزوم كون الهلكة مفروضة الوجود قبل الأمر بالاحتياط ؛ لأنها علة لوجوده ، فلا يعقل تأخرها عنه ونشوؤها منه لاستلزامه الدور ، بتقريب : أن الهلكة ـ لكونها علة لإيجاب الاحتياط ـ مقدمة عليه رتبته كتقدم سائر العلل على معاليلها ، فلو ترتبت الهلكة على إيجاب الاحتياط كما هو مدعى الخصم ـ حيث يدعي ترتب العقوبة على ترك الاحتياط ؛ لأنه يعترف بقبح المؤاخذة على التكليف المجهول ـ كانت مؤخرة عنه وهو