بضرر غالبا ، ضرورة (١) : أن المصالح والمفاسد التي هي مناطات الأحكام ليست براجعة إلى المنافع والمضار ؛ بل ربما يكون المصلحة فيما فيه الضرر (٢) ، والمفسدة فيما فيه المنفعة (٣) ، واحتمال (٤) أن يكون في المشتبه ضرر ضعيف غالبا لا يعتنى به قطعا.
مع أن (٥) الضرر ليس دائما مما يجب التحرز عنه عقلا ؛ بل يجب ارتكابه (٦) أحيانا فيما كان المترتب عليه أهم في نظره مما في الاحتراز عن ضرره ، مع القطع به فضلا عن احتماله.
بقي أمور مهمة لا بأس بالإشارة إليها :
______________________________________________________
(١) تعليل لعدم كون المفسدة ضررا غالبا.
(٢) كدفع الزكاة.
(٣) كسرقة أموال الغير.
(٤) مبتدأ خبره قوله : «ضعيف» ، وهو تتمة للمطلب المتقدم ، أعني : عدم كون المفسدة المحتملة في المشتبه ضررا غالبا ، فاحتمال ضرر في المشتبه ضعيف غالبا ؛ بحيث لا يعتنى به قطعا ؛ لأن إحراز الصغرى في ترتيب حكم الكبرى عليها مما لا بد منه.
(٥) إشارة إلى الوجه الثاني من الجواب ، وهو يرجع إلى منع الكبرى.
وقد تقدم توضيح المنع.
وكيف كان ؛ فوجوب دفع الضرر عقلا إنما يكون فيما إذا تعلق الغرض بدفعه ، وأما إذا تعلق بعدم دفعه كما في فرض مزاحمته لما هو أهم منه فلا يستقل العقل حينئذ بلزوم دفعه.
(٦) هذا الضمير وضميرا «به ، احتماله» راجعة على الضرر ، والمراد بالموصول في «فيما» المورد الضرري ، وضمير «عليه» راجع على الموصول في «فيما» ، وضمير «نظره» راجع على الشارع. والمراد بالموصول في «مما» المصلحة ، وضمير «ضرره» راجع على المورد الضرري ، والمعنى : أنه يجب ارتكاب الضرر أحيانا في المورد الضرري الذي يكون الأثر المترتب على ذلك المورد أهم في نظر الشارع من المصلحة الموجودة في الاحتراز عن ضرر ذلك المورد ؛ كبذل المال ، فإنه ضرر لكن يجب ارتكابه أحيانا في بعض الموارد كتحصيل الطهارة المائية ؛ لأن الأثر المترتب على بذل المال في هذا المورد الضرري أهم في نظر الشارع من مصلحة إمساك المال وترك بذله. وفي بعض الحواشي : جعل مرجع الضمير في «نظره» العقل لا الشارع.
وضميرا «به ، احتماله» راجعان على الضرر.
وكيف كان ؛ فما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ٤ ص ٣١١» ـ لا يخلو عن فائدة