المفسدة ممنوع (١).
ولو قيل (٢) بوجوب دفع الضرر المحتمل : فإن (٣) المفسدة المحتملة في المشتبه ليس
______________________________________________________
وكبرى وهي : «أن كل ضرر يجب دفعه» ، فارتكاب محتمل الحرمة يجب دفعه ، ولا يتحقق دفعه إلا بتركه فيجب.
فالنتيجة : أن الإقدام على ارتكاب المشتبه حرام.
(١) خبر «وما قيل» ، وجواب عن التوهم المزبور.
وحاصل ما أفاده المصنف في الجواب عن هذا التوهم : هو وجهان : الأول منهما يرجع إلى منع الصغرى ، والثاني منها يرجع إلى منع الكبرى.
وحاصل الوجه الأول : أن الأحكام وإن كانت تابعة للمصالح والمفاسد ؛ إلا إنهما ليستا راجعتين إلى المنافع والمضار حتى يكون احتمال المفسدة مساوقا لاحتمال الضرر ، واحتمال المصلحة مساوقا لاحتمال المنفعة ؛ بل قد تكون المصلحة منفعة وقد لا تكون ، بل قد يكون فيما فيه المصلحة ضرر على المكلف كالإحسان إلى الفقراء ، فإن مصلحته منوطة ببذل المال وهو ضرر ، وكذا المفسدة فقد تكون ضررا وقد لا تكون ؛ بل قد يكون فيما فيه المفسدة منفعة كسرقة الأموال.
وعليه : فاحتمال الضرر في مشتبه الحكم ضعيف لا يعتد به العقلاء ، ولا يحكم العقل بوجوب دفعه.
وحاصل الوجه الثاني : ـ وهو منع الكبرى ـ أنه بعد تسليم الصغرى ـ بأن يقال : إن المصلحة والمفسدة مساوقتان للمنفعة والمضرة ـ لا يجب الاجتناب عن كل ضرر ؛ بل قد يجب عقلا وشرعا تحمل بعض المضار مثل حكم العقل بوجوب بذل المال الكثير لإنقاذ مؤمن من الغرق. وحكم الشارع بوجوب ما يستلزم الضرر في المال أو النفس كالحج والجهاد مثلا ، هذا بالنسبة إلى الضرر المعلوم حيث وجب تحمله عقلا وشرعا ، فكيف بالمشكوك فإنه أولى بالتحمل؟
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(٢) فلو لم نقل بوجوب دفع الضرر المحتمل فالمنع أولى.
(٣) تعليل لقوله : «ممنوع» ، وإشارة إلى منع الصغرى ؛ إذ لا ملازمة بين الضرر والمفسدة ، فإن في عدم إعطاء الزكاة مفسدة ، وليس فيه ضرر ، وفي بذل المال للفقراء مصلحة وليس فيه نفع.