.................................................................................................
______________________________________________________
كاستصحاب خمرية مائع فيما إذا شك في انقلابه خلا ، فإن الاستصحاب في الأول يمنع عن التمسك بأصالة البراءة ، وفي الثاني رافع لموضوع البراءة فيتقدم على أصالة البراءة في كلا الموردين.
وكيف كان ؛ فالضابط هو : أن كل مورد جعل الشارع للحكم بالحلية سببا خاصا كالأموال والفروج واللحوم ، حيث جعل سبب حلية الأموال الملكية ، والفروج النكاح ، واللحوم التذكية ، فإذا شك في حلية هذه الأمور لأجل الشك في تحقق أسبابها لا تجري أصالة الحلية والبراءة ؛ لأجل وجود أصل موضوعي حاكم أو وارد عليها ، وهو أصالة عدم تحقق السبب في كل واحد منها.
ثم يتفرع على الضابط المذكور جريان أصالة عدم التذكية والحكم بالحرمة والنجاسة فيما إذا شك في حلية لحم حيوان من جهة الشك في قبوله التذكية ؛ لأن من شرائط التذكية قابلية المحل لها ، وهي مشكوكة بالفرض ، فتجري أصالة عدم التذكية ، وحينئذ : لا مجال لأصالة البراءة.
وحاصل الكلام في المقام : أن أصل المطلب بنحو الكلية معلوم لا كلام فيه ، وإنما الكلام في الفرع المذكور في المسألة وهو ما إذا شك في حلية حيوان لأجل الشك في التذكية ، فهل تجري أصالة عدم التذكية ؛ كي لا يكون مجال لأصالة البراءة أو لا تجري؟ وكيف كان ؛ فإن المشهور مثلوا في المقام بأصالة عدم التذكية عند الشك فيها ، فحكموا بتقدمها على أصالة الطهارة والحل.
وبما أن المسألة مفيدة جدا فلا بد من بسط الكلام في توضيحها فنقول : إن توضيحها يتوقف على مقدمة وهي مشتملة على أمور تالية :
١ ـ بيان صور المسألة وأقسامها.
٢ ـ بيان ما هو المقصود من التذكية شرعا.
٣ ـ بيان ما هو موضوع الحرمة والنجاسة.
وأما صور المسألة فهي : أن الشك في الحرمة لا يخلو عن أحد احتمالين :
أحدهما : أن تكون الشبهة فيه حكمية.
وثانيهما : أن تكون موضوعية.
وأما أقسام الشبهة الحكمية فهي أربعة.
١ ـ أن يكون الشك في الحلية من غير جهة التذكية وعدمها ، وإنما هو من جهة عدم