شك في حليته ، مع الشك في قبوله التذكية (١) ، فإنه إذا ذبح مع سائر الشرائط
______________________________________________________
الطهارة والبراءة النافية لحرمة اللحم المشكوك قابليته للتذكية ، وذلك لورود الأصل الموضوعي ـ وهو فيما نحن فيه أصالة عدم التذكية ـ على جميع هذه الأصول.
(١) هذا شروع في بيان الصورة الأولى من الصور الثلاث للشبهة الحكمية وهي : قابلية حيوان للتذكية ، كما إذا تولد حيوان من طاهر ونجس ـ مثل الغنم والكلب ـ ولم يتبع أحدهما في الاسم ، ولم يكن له اسم خاص يندرج به تحت أحد العناوين الطاهرة أو النجسة فيشك في قابليته للتذكية ، فإن أصالة الحل لا تجري فيه إذا ذبح على الشرائط المخصوصة من إسلام الذابح والتسمية وغيرهما ، وذلك لوجود الأصل الموضوعي وهو استصحاب عدم التذكية أي : عدم وقوع التذكية المعتبرة شرعا على هذا الحيوان ، حيث إن من شرائطها قابلية المحل لها ، ومع الشك في القابلية يشك في وقوع التذكية المعتبرة عليه ، فيستصحب عدمها ، بتقريب : أن هذا الحيوان حال حياته لم يكن مذكى ، وبعد قطع أوداجه يشك في انتقاض عدم التذكية بالتذكية ، فيستصحب عدمها. هذا هو الأصل الموضوعي ، ومع جريان هذا الأصل الموضوعي الموجب لاندراج الحيوان في «ما لم يذك» لا مجال لأصالة الحل.
وذلك لأن موضوعها ـ كاللحم فيما نحن فيه ـ هو الشيء بوصف أنه مشكوك الحكم ، فإذا جرى الأصل الموضوعي واندرج في غير المذكى صار معلوم الحكم ؛ لقيام الإجماع على حرمته حينئذ كحرمة الميتة ، فينتفي موضوع أصالة الحل وهو الجهل بحكمه ، فلا يبقى مجال لجريانها كما إذا مات حتف أنفه.
لا يقال : الميتة أمر وجودي ؛ لأنها عبارة عما مات حتف أنفه ، والمذكى أيضا أمر وجودي ؛ لأنه عبارة عن الحيوان الذي زهق روحه بكيفية خاصة اعتبرها الشارع ، فهما ضدان وجوديان ، وحرمة أكل اللحم مترتبة في قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(١) على عنوان «الميتة» لا على عنوان «غير المذكى» ، وحينئذ : فاستصحاب كون الحيوان غير المذكى لا يصلح لإثبات كونه ميتة حتى يترتب عليه حرمة الأكل ؛ لأن إثباته به يكون من إثبات أحد الضدين ، وهو الميتة ، بنفي الضد الآخر أعني المذكى ، وهو متين على القول بحجية الأصل المثبت. وسيأتي في بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى عدم حجيته ، فيسقط استصحاب عدم التذكية ، وتصل النوبة إلى الأصل المحكومة أو المورود وهو أصالة الحل.
__________________
(١) المائدة : ٣.