الإن (١) ؛ بل يكون حاله (٢) في ذلك حال الإطاعة ، فإنه (٣) نحو من الانقياد والطاعة «والإطاعة».
وما قيل (٤) في دفعه : من كون المراد بالاحتياط في العبادات هو مجرد الفعل
______________________________________________________
(١) كما في الوجه الثاني ، حيث إن استكشاف أمر الشارع بالاحتياط كان بنحو الإن ، أي : من ناحية المعلول وهو ترتب الثواب عليه.
(٢) أي : يكون حال الاحتياط في حسنه وترتب الثواب عليه حال الإطاعة ، يعني : كما أن الإطاعة الحقيقية حسنة عقلا ، ويترتب الثواب عليها ؛ لا لتعلق الأمر بها ، بل لكونها في نفسها انقيادا ، فكذلك الاحتياط فإنه ـ لكونه نحوا من الإطاعة ـ حسن عقلا ، ويترتب عليه الثواب ، ولا يكشف ذلك عن تعلق الأمر به ، وليس ترتب الثواب عليه كترتبه على الصدقة وصلة الأرحام وتسريح اللحية وكثير من المستحبات ، حيث إنه كاشف عن استحباب تلك الأفعال وتعلق الأمر المولوي بها.
والسر في ذلك واضح ؛ فإن حسن تلك الأفعال واقع في سلسلة علل الأحكام وملاكاتها ، فلذا كان حسنها وترتب الثواب عليها كاشفا عن استحبابها ، وتعلق الأمر المولوي بها ، بخلاف الاحتياط فإنه ـ لكونه نحوا من الإطاعة كما تقدم ـ يكون حسنه كحسن الإطاعة الحقيقية واقعا في سلسلة معلولات الأحكام فلا يكشف حسنه ، وكذا ترتب الثواب عليه عن تعلق الأمر المولوي به ، كما لا يكشف حسن الإطاعة الحقيقية وترتب الثواب عليها في قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) عن تعلق الأمر المولوي بها ؛ بل هي غير قابلة لذلك كما ثبت في محله ، ومن هنا يحمل الأمر بها في قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ) على الإرشاد إلى حكم العقل بحسنها.
وبالجملة : فحال الاحتياط حال الإطاعة الحقيقية في حسنها ، وترتب الثواب عليها ، وعدم كشفها عن تعلق الأمر المولوي بها وأنه لو تعلق بها كان للإرشاد.
(٣) يعني : فإن الاحتياط من أنحاء الإطاعة ومراتبها.
(٤) هذا هو الجواب الثالث عن إشكال الاحتياط في العبادات ، والقائل هو الشيخ الأنصاري «قدسسره» حيث قال : «إن المراد من الاحتياط والاتقاء في هذه الأوامر هو : مجرد الفعل المطابق للعبادة من جميع الجهات عدا نيّة القربة ، فمعنى الاحتياط في الصلاة : الإتيان بجميع ما يعتبر فيها عدا قصد القربة ، فأوامر الاحتياط تتعلق بهذا الفعل ، وحينئذ : فيقصد المكلف فيه التقرب بإطاعة هذا الأمر». «دروس في الرسائل ، ج ٣ ، ص ٥١».