فرض تعلقه بها لما كان من الاحتياط بشيء (١) ؛ بل كسائر ما علم (٢) وجوبه أو استحبابه منها (٣) كما لا يخفى.
______________________________________________________
هذا ما استظهره الشيخ «قدسسره» ؛ ولكن المصنف أورد عليه : بأنه مع تسليم دلالة أخبار «من بلغ» على استحباب الفعل الذي ورد الثواب عليه في خبر ضعيف لم يكن الإتيان بذلك الفعل بداعي أمره المستفاد من هذه الأخبار من الاحتياط أصلا ، بل هو من الإطاعة الحقيقية ، لفرض العلم بالأمر حينئذ دون احتماله المقوّم للاحتياط.
وبما ذكرناه : ظهر وجه ارتباط البحث عن مفاد أخبار «من بلغ» بمسألة الاحتياط في العبادة ، وأن إشكال الاحتياط في العبادة كما يمكن حله بالتصرف في معنى الاحتياط وإرادة معنى مجازي منه ـ كما عليه الشيخ ـ كذلك هل يمكن حله بتعلق الأمر المولوي المستفاد من أخبار «من بلغ» بكل فعل دل على استحبابه رواية ضعيفة أم لا؟
(١) لتقوّم الاحتياط بإتيان العمل برجاء وجود الأمر الواقعي.
(٢) المراد به : الفعل المعلوم وجوبه ، حيث يقصد ذلك الأمر ، وليس من الاحتياط في شيء بل من الإطاعة الحقيقية ؛ كالصلوات اليومية وغيرها من الواجبات المعلومة.
(٣) أي : من العبادات. هذا إشارة إلى وجه خامس لدفع إشكال الاحتياط في العبادة ،
وحاصل هذا الوجه : أن مشكوك العبادية وإن لم يمكن الإتيان به بقصد القربة من جهة أنه لم يحرز تعلق الأمر به ؛ لكن يمكن الإتيان به بقصد القربة بملاحظة الاستحباب المستفاد من أخبار «من بلغ» ، فقد ورد في مستفيض الأحاديث : أن «من بلغه ثواب على عمل فعمله التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن كما بلغه» ، فلو قام خبر ضعيف على استحباب الأذان لصلاة مستحبة مثلا صح الاحتياط بإتيان الأذان لها بقصد القربة لوجود الأمر العام المستفاد من أخبار «من بلغ» ؛ لكن هذا الوجه أيضا مخدوش بوجهين :
أحدهما : أن هذا لا يدفع الإشكال عن جميع موارد الشبهة في العبادة وإنما يختص بما ورد فيه أمر ولو بخبر ضعيف.
ثانيهما : أن موافقة هذا الأمر الاستحبابي يجعل المأتي به طاعة جزمية ، ويخرج عن المتنازع فيه الذي هو الاحتياط في محتمل الوجوب أو الاستحباب ؛ كصلاة الليل والنوافل المرتبة وغسل الجمعة ، وكثير من المستحبات التي هي من ضروريات المذهب بل الدين ، ويقصد ذلك الأمر الاستحبابي المعلوم.