لأمره تعالى ، وعلى تقدير عدمه انقيادا لجنابه «تبارك وتعالى» ، ويستحق الثواب على كل حال إما على الطاعة أو الانقياد (١).
وقد انقدح بذلك (٢) : أنه لا حاجة في جريانه في العبادة إلى تعلق أمر بها ؛ بل لو
______________________________________________________
(١) الذي هو في حكم الإطاعة الحقيقية ، ثم إن هذا وما قبله مفسر لقوله «على كل حال».
(٢) يعني : وقد ظهر مما ذكرنا ـ من عدم دخل قصد القربة في المتعلق ، وإنما هو دخيل عقلا في حصول غرض المولى من الأمر ـ أنه لا حاجة في جريان الاحتياط في العبادة إلى تعلق أمر بها حتى يقصد ؛ «كأن يقول المولى : «احتط في العبادة لمجرد خلل موهوم فيها» ، فيكفي في جريان الاحتياط فيها نفس الأمر المحتمل ، يعني : أن احتمال بقاء الأمر بالصلاة كاف في مشروعية الاحتياط وقضائها ؛ بل لو علم تعلق أمر بها لم يكن من الاحتياط في شيء ؛ بل كان إطاعة حقيقية ، لتقوّم الاحتياط باحتمال الأمر ، فمع العلم به لا احتياط ، ويكون ذلك الأمر تكليفا نفسيا وجوبيا أو استحبابيا ؛ كما تقدم الكلام فيه.
والحاصل : أن قوام الاحتياط والإتيان بالفعل برجاء مطلوبيته وموافقته للأمر الواقعي المحتمل ، فإذا ورد أمر من الشارع بفعل مشكوك المطلوبية ـ بهذا العنوان ـ لم يكن الإتيان به احتياطا ؛ بل كان إطاعة جزمية لأمر معلوم ، فيقصد ذلك الأمر المعلوم الوارد على «عنوان محتمل المطلوبية».
والظاهر : أن غرض المصنف التعريض بكلام الشيخ الأنصاري ، حيث إنه «قدسسره» بعد ما وجه الاحتياط في العبادة بما تقدم مفصلا قال : «ثم إن منشأ احتمال الوجوب إذا كان خبرا ضعيفا ، فلا حاجة إلى أخبار الاحتياط وإثبات الأمر فيها للاستحباب الشرعي دون الإرشاد العقلي ؛ لورود بعض الأخبار باستحباب فعل كل ما يحتمل فيه الثواب ؛ كصحيحة هشام بن سالم المحكية عن المحاسن ...».
وحاصله : أنه لو لم تصلح أوامر الاحتياط لإثبات مشروعيته في الفعل الدائر بين كونه واجبا عباديا ومباحا ، فأخبار «من بلغ» تصلح لإثبات استحباب نفس العمل الذي قام على استحبابه خبر ضعيف ، كالدعاء عند رؤية الهلال ، فإن الرواية الفاقدة لشرائط الحجية وإن لم تصلح لإثبات استحبابه ؛ إلا إنه يتحقق ـ بهذا الخبر الضعيف ـ موضوع أخبار «من بلغ» وهو البلوغ ، فيثبت استحبابه ببركة هذه الأخبار المعتبرة ، وبعد العلم بالأمر المستفاد منها يجري الاحتياط في العبادة.