دليل الانسداد على تقرير الكشف ، بناء على كون النتيجة هو الطريق الواصل بنفسه ، فإنه حينئذ : يقطع بكونه حجة ، كان غيره حجة أو لا.
واحتمال (١) عدم حجيته بالخصوص لا ينافي القطع بحجيته بملاحظة الانسداد ،
______________________________________________________
كان هناك ناف من جميع الأصناف ، كما إذا قام خبر العادل والإجماع المنقول وغيرهما على عدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلا ، حيث إن الحجة قامت على نفي التكليف ، فتصلح للمؤمنية.
وبهذا أجاب الشيخ الأنصاري عن المعمم الثالث ، حيث قال (١) : «ولكن فيه أن قاعدة الاشتغال في مسألة العمل بالظن معارضة في بعض الموارد بقاعدة الاشتغال في المسألة الفرعية ، كما إذا اقتضى الاحتياط في الفرع وجوب السورة وكان ظن مشكوك الاعتبار على عدم وجوبها ، فإنه يجب مراعاة قاعدة الاحتياط في الفروع وقراءة السورة ؛ لاحتمال وجوبها ...» ؛ كما في «منتهى الدراية ج ٥ ، ص ٤٩».
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
والضمير في «باعتباره» راجع على «ظن بالخصوص» ، والضمير في قوله : «فإنه» للشأن. «حينئذ» أي : حين كون النتيجة الطريق الواصل بنفسه. والضمير في قوله : «بكونه ، وغيره» راجع إلى ظن بالخصوص كخبر العدل.
(١) إشارة إلى توهم ، وهو : أن الظن باعتبار بعض الظنون ـ كالظن الحاصل من خبر العدل ـ لا يصلح لأن يوجب القطع باعتباره دون سائر الظنون الحاصلة من أسباب أخر ؛ إذ المفروض : إن الظن الخبري مثلا لم يكن بنفسه حجة لو لا دليل الانسداد ؛ لعدم تمامية أدلة حجية الخبر ؛ وإلا لكان باب العلمي مفتوحا ، فدليل حجية الخبر ليس إلا دليل الانسداد ، ومن المعلوم : أن شأنه اعتبار الظن مطلقا من أي سبب حصل عدا ما نهي عنه كالقياس ؛ لا اعتبار خصوص الظن الخبري ، وعليه : فقيام الظن على اعتبار بعض الظنون يكون بلا أثر ، ولا يوجب اختصاص الحجية بالمظنون اعتباره.
قوله : «بالخصوص» يعني : من باب الظن الخاص لا بدليل الانسداد.
قوله : «لا ينافي» خبر لقوله : «واحتمال» ودفع للتوهم ، توضيحه : أنه لا منافاة بين احتمال عدم حجيته بالخصوص وبين القطع بحجيته بملاحظة دليل الانسداد ؛ إذ المفروض : أن هذا الفرد الخاص واجد لمزية لم تكن في سائر الأفراد ، وهذه المزية ـ وهي الظن بالاعتبار ـ توجب اليقين باعتباره.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤٩٧.