.................................................................................................
______________________________________________________
والخمر حرام ونحوهما ، وقد بينها ووصلت إلى المكلف حسب الفرض وإنما الشك في الصغرى وهي : كون هذا المائع الخارجي مما ينطبق عليه متعلق الحرمة وهو الخمر أم لا؟ ومن المعلوم : أن المرجع في إزالة هذه الشبهة التي هي من الشبهات الموضوعية ليس هو الشارع ، وحينئذ : فلا يحكم العقل بقبح المؤاخذة على تقدير مصادفة الحرام ؛ بأن كان ما شربه من المائع المردد خمرا ؛ إذ لا تجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ لانتقاض عدم البيان بالبيان بعد صدور الحكم الكلي من الشارع ، وعلم المكلف به.
٢ ـ جواب الشيخ الأنصاري عن هذا التوهم : وقد أفاد الشيخ في الجواب ما حاصله : أن حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان لم يكن مطلقا ؛ بل يتوقف على عدم البيان الواصل إلى المكلف ولو لأجل عدم العلم بالصغرى ، وموضوع الحكم والمقام من هذا القبيل ؛ إذ المفروض : أن المكلف لم يعلم بالموضوع ، ومع الجهل بالموضوع يكون موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان محققا بلا إشكال ، فتجري البراءة. هذا خلاصة دفع التوهم المزبور.
٣ ـ ظاهر كلام الشيخ الأنصاري «قدسسره» : هو جريان البراءة في الأفراد المشتبهة مطلقا ، والمصنف منع هذا الإطلاق ، وقال بالتفصيل بين تعلق الحكم بالطبيعة نحو : «لا تشرب الخمر» ، وبين تعلق الحكم بالأفراد نحو : «لا تكرم الفساق» ، فلا تجري البراءة فيما إذا شك في فرد أنه خمر أم لا؟ بل يجب الاجتناب عنه حيث إن المطلوب ترك الطبيعة ، ولا يحصل العلم بالترك إلا بترك محتمل الخمرية.
وتجري البراءة في الثاني فيما لو شك في فرد أنه فاسق أم لا ، وهناك احتمال عدم الجريان مطلقا كما هو مفاد التوهم المذكور.
وقد تحصل مما ذكرناه : أن الفرد المشتبه بالشبهة الموضوعية على ثلاثة أقسام :
١ ـ المشكوك كونه فردا للطبيعة التي تعلق بها النهي بلحاظ أفرادها.
٢ ـ المشكوك كونه فردا للطبيعة التي تعلق بها النهي بما هي ، مع كونها مسبوقة بالترك.
٣ ـ المشكوك كونه فردا للطبيعة التي تعلق بها النهي بما هي مع عدم كونها مسبوقة بالترك.
وتجري البراءة في الأولين دون الأخير. فما أفاده الشيخ من جريان البراءة في الأفراد المشتبهة مطلقا وفي جميع أقسامها ممنوع.