خلافه أو لا ، كما أن الاحتياط الموجب لذلك (١) لا يكون حسنا كذلك (٢) ؛ وإن كان (٣) الراجح لمن التفت إلى ذلك من أول الأمر ترجيح بعض ...
______________________________________________________
موارد الأمارة على الإباحة ، وموارد لا يوجد إلا أصالة الإباحة ، فيحمل ما ورد من الاجتناب عن الشبهات على الثاني دون الأول ؛ لعدم صدق الشبهة بعد الأمارة الشرعية على الإباحة.
(١) أي : لاختلال النظام فعلا.
(٢) يعني : لا يكون حسنا مطلقا ، سواء كان الاحتمال قويا أم ضعيفا ، وسواء كان المحتمل مهما أم لا ، وسواء وجدت الحجة على خلافه أم لا.
(٣) هذا إشارة إلى الجهة الثالثة أعني : بيان كيفية التبعيض في الاحتياط المستحب إذا استلزم الاختلال بالنظام.
وتوضيحه : أن المكلف إذا التفت من أول الأمر إلى أن الاحتياط التام يؤدي إلى اختلال النظام كان الراجح له التبعيض في الاحتياط ، بمعنى : ترجيح بعض الاحتياطات على بعض ، والتبعيض في الاحتياط يكون بأحد وجهين ـ الأول : ترجيح بعض الأطراف بحسب المحتمل ، فإن كان المورد مما اهتم به الشارع كالدماء والأموال قدمه على غيره ، سواء كان احتمال التكليف قويا أم ضعيفا ، فالموارد المهمة على هذا الوجه أولى بالاحتياط من غيرها ، ولا عبرة بقوة الاحتمال وضعفه حينئذ.
قال الشيخ «قدسسره» : «ويحتمل التبعيض بحسب المحتملات ، فالحرام المحتمل إذا كان من الأمور المهمة في نظر الشارع كالدماء والفروج ؛ بل مطلق حقوق الناس بالنسبة إلى حقوق الله تعالى يحتاط فيه ، وإلا فلا ...» (١) الخ.
الثاني : ترجيح بعض الأطراف بحسب الاحتمال ، فإذا كان هناك تكاليف متعددة محتملة ، بعضها مظنون وبعضها مشكوك أو موهوم أخذ بالمظنون وترك الاحتياط في غيره ، فقويّ الاحتمال على هذا الوجه أولى بالاحتياط من ضعيفه ، ولا عبرة بالمحتمل حينئذ ، سواء كان من الأمور المهمة أم لا. قال الشيخ «قدسسره» : «... فيحتمل التبعيض بحسب الاحتمالات ، فيحتاط في المظنونات ، وأما المشكوكات فضلا عن انضمام الموهومات إليها ، فالاحتياط فيها حرج مخل بالنظام ...» (٢) الخ. والمشار إليه في قوله : «ذلك» هو الاحتياط ، أي إلى أن الاحتياط المطلق موجب للاختلال «من أول الأمر» ؛ بأن أراد الاحتياط في الأبواب كلها.
__________________
(١ ـ ٢) فرائد الأصول ٢ : ١٣٧.