ثم إنّ مورد هذه الوجوه (١) وإن كان ما إذا لم يكن واحد من الوجوب والحرمة
______________________________________________________
قدرة المكلف على الامتثال القطعي ، فلا مجال لتطبيق قاعدة القبح هنا لوضوح تحقق البيان الرافع لموضوع القاعدة بسبب العلم بأصل الإلزام ؛ ولو مع الجهل بنوعه ، فإن العلم بجنس التكليف كاف في البيانية ، ولذا يجب الاحتياط إذا تمكن منه كما في تعدد المتعلق.
وبالجملة : فلا مجال عند دوران الأمر بين المحذورين لجريان قاعدة القبح ؛ لوجود البيان الإجمالي وهو العلم بأصل الإلزام ، وهو كاف في المنع من جريانها.
نعم ، لا يستحق المكلف للعقاب لأجل عدم القدرة على الامتثال والموافقة القطعية ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٦٠١» مع توضيح وتلخيص منّا.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية» :
الضمير في «فإنه لا قصور فيه» للشأن ، يعني : لا قصور في البيان في دوران الأمر بين المحذورين ، والمراد بالبيان هو العلم بأصل الإلزام ويمكن أن يكون ضميرا «فإنه ، فيه» راجعين إلى البيان.
قوله : «كمخالفتها» فاسد لفظا ومعنى ؛ لأن الضمير راجع على القطعية التي هي صفة لكل من الموافقة والمخالفة. وأما لفظا : فلأن القطعية صفة للمخالفة ، ولازم العبارة حينئذ : إضافة الموصوف إلى ضمير صفته وهو فاسد ؛ إذ لا تقول مثلا : «أسهرني المرض الشديد وألمه» بإرجاع الضمير إلى الشديد ، بل تقول : «والألم الشديد» وأما معنى : فلأن المقصود أن المانع عن تنجز التكليف هو عدم التمكن من الموافقة القطعية ؛ كعدم القدرة على المخالفة القطعية ، وعبارة المتن لو تركت بحالها تكون هكذا : «كمخالفة القطعية» ، وهذا فاسد أيضا ، فالصواب سوق العبارة هكذا : كالمخالفة القطعية أو لعدم التمكن من القطع بالموافقة والمخالفة». وكيف كان ؛ فالمطلب واضح.
«والموافقة الاحتمالية حاصلة» يعني : أن كلا من الموافقة والمخالفة الاحتماليتين حاصل قطعا ، سواء جرت قاعدة القبح أم لا.
«لا محالة» لعدم خلو المكلف تكوينا من الفعل أو الترك.
(١) يعني : الوجوه الخمسة المتقدمة في الدوران بين الوجوب والحرمة.
المقصود من هذه العبارة إلى قوله : «ولا يذهب عليك» هو : تضعيف ما أفاده الشيخ «قدسسره» ، حيث قال في صدر البحث بعد بيان وجوه ثلاثة في المسألة «ما لفظه» : «ومحل هذه الوجوه ما لو كان كل من الوجوب والحرمة توصليا ؛ بحيث يسقط بمجرد