.................................................................................................
______________________________________________________
إلى أحدهما لا بعينه ، وإنما الخلاف في حكم ما بقي من أطراف الشبهة بعد ارتكاب المكلف الطرف المضطر إليه ، فهل يجب الاجتناب عن الباقي مطلقا أو لا يجب كذلك أو فيه تفصيل؟
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن مختار المصنف هو : الاحتمال الثاني ، فإن الاضطرار عنده كما يكون مانعا عن العلم بفعلية التكليف لو كان إلى واحد معين ، كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معين ، ضرورة : أنه مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه تعيينا أو تخييرا ، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا.
ومختار الشيخ «قدسسره» هو : الاحتمال الثالث أعني : التفصيل.
وقد استدل الشيخ على التفصيل بوجهين :
أحدهما : إن وجوب الاحتياط والاجتناب عن كلا المشتبهين إنما هو مع تنجز التكليف بالحرام على كل تقدير ؛ بحيث لو علم تحريمه تفصيلا لوجب الاجتناب عنه ، وهذا المناط مفقود في المقام ، إذ على تقدير العلم التفصيلي بحرمة المضطر إليه لا يجب الاجتناب عنه لرفع التكليف بالاضطرار إليه ، فيرجع الشك في الباقي إلى الشك في أصل التكليف ، فلا مانع من الرجوع إلى أصل البراءة.
وثانيهما : أن المناط في وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين هو تعارض الأصول فيهما ، وهو مفقود هنا أيضا ؛ وذلك لأن الاضطرار يوجب سقوط الأصل في المضطر إليه ، فيبقى الأصل في الباقي سليما عن المعارض ، ولازمه : عدم وجوب الاجتناب عنه. وهذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح ما أفاده الشيخ في المقام.
فالمتحصل : أن الشيخ «قدسسره» أوجب الاجتناب عن الباقي في أربع صور من الصور الست ، ثلاث منها هي صور كون الاضطرار إلى غير المعين ، والرابعة هي صورة كون الاضطرار إلى معين مع حصوله بعد العلم الإجمالي ، ولم يوجب الاجتناب عن الباقي في اثنتين منها ، وهما كون الاضطرار إلى معين مع حصوله قبل العلم الإجمالي أو معه ، فيظهر من كلامه «قدسسره» تفصيلان تفصيل بين الاضطرار إلى المعين وغير المعين فيجب الاجتناب عن الباقي في الأول دون الثاني ، وتفصيل بين الاضطرار بعد العلم الإجمالي وبين حصوله قبله أو معه فيجب الاجتناب عن الباقي في الأول دون الثاني والثالث.
ويظهر من المصنف «قدسسره» في المتن : الإشكال على كلا التفصيلين ، بتقريب : أن