فإنه يقال (١) : إنه لا مجال هاهنا (٢) لمثله ، بداهة (٣) : أنه ورد في مقام الامتنان فيختص (٤) بما يوجب نفي لتكليف لا إثباته (٥).
______________________________________________________
(١) هذا دفع الإشكال المزبور ، ومحصله : عدم جريان البراءة الشرعية في نفي الجزئية أو الشرطية في حال التعذر ، بداهة أن من شرائط جريانها حصول الامتنان ، وهو مفقود في تعذر الجزء أو الشرط ، لأن لازم اعتبارهما في خصوص حال التمكن وجوب سائر الأجزاء عند تعذرهما ، وهذا ينافي الامتنان المعتبر في جريان البراءة الشرعية ، فلا يقاس التعذر بحال نسيان الجزء أو الشرط الذي تجري فيه البراءة الشرعية ، وذلك لأن في جريانها هناك كمال الامتنان ، لاقتضائها نفي الإعادة بعد الالتفات والتذكر ، ففرق بين بين النسيان والتعذر ، لوجود الامتنان في جريان البراءة في الأول دون الثاني.
(٢) يعني : في تعذر الجزء أو الشرط ، وغرضه : بيان الفرق بين التعذر وبين النسيان وقد عرفت الفارق بينهما ، وضمير «أنه» للشأن ، وضمير «لمثله» راجع على «حديث الرفع».
(٣) تعليل لقوله : لا مجال ، وقد مرّ توضيحه : بقولنا بداهة : أن من شرائط جريانها حصول الامتنان وهو مفقود ، وضمير «أنه» راجع على «مثله».
(٤) يعني : فيختص مثل حديث الرفع بنفي التكليف بقرينة قوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : «عن أمتي» ، وضمير «أنه» راجع على «مثل حديث الرفع».
(٥) أي : إثبات التكليف كالمقام ، فإن لازم اختصاص الجزئية أو الشرطية بحال التعذر بأصالة البراءة وجوب الباقي ، وهو ينافي الامتنان ؛ لأنه إثبات للتكليف ، مع أن البراءة رافعة له.
فحاصل مرام المصنف «قدسسره» هو : أن البراءة العقلية تجري في نفي وجوب الباقي ، وعدم العقاب على تركه ، ولا تجري البراءة الشرعية في نفي الجزئية أو الشرطية لأنها تقتضي وجوب الباقي وهو خلاف الامتنان.
وكيف كان ؛ ففي المسألة قولان : قول بعدم وجوب الباقي بالبراءة العقلية وهو مختار المصنف «قدسسره» ، وقول بوجوب الباقي.
وقد استدل عليه بوجوه : منها الاستصحاب كما أشار إليه المصنف بقوله : «نعم ؛ ربما يقال : بأن قضية الاستصحاب في بعض الصور وجوب الباقي ...» الخ. ويمكن تقريب الاستصحاب بوجهين : على ما هو ظاهر كلام المصنف «قدسسره» ، أحدهما : أن يستصحب الوجوب الكلي الجامع بين الضمني والاستقلالي المتعلق بغير المتعذر من