نعم ؛ ربما يقال : بأن قضية الاستصحاب في بعض الصور وجوب الباقي في حال التعذر أيضا.
ولكنه (١) لا يكاد يصح إلا بناء على صحة القسم الثالث من استصحاب الكلي ،
______________________________________________________
الأجزاء والشرائط ، فإن وجوبها الضمني قبل طروء التعذر في ضمن وجوب المركب كان ثابتا ونشك في ارتفاع أصل الوجوب بارتفاعه ، فتمسك بالاستصحاب في الحكم ببقائه.
وبعبارة أخرى أن يقال : إن الصلاة كانت واجبة مع السورة والاستقبال والستر مثلا ويشك في حدوث الوجوب لها مقارنا لتعذر بعض أجزائها أو شرائطها ، فيستصحب طبيعي الوجوب الجامع بين الغيري المرتفع بتعذر البعض ، والنفسي المحتمل حدوثه للباقي مقارنا لارتفاع الوجوب الغيري. هذا ثاني وجوه ثالث أقسام استصحاب الكلي ؛ كاستصحاب كلي الاستصحاب مثلا فيما إذا وجد في ضمن زيد وعلم بارتفاعه وشك في وجود عمرو مقارنا لارتفاعه.
والمراد من بعض الصور : ما إذا علم بوجوب الباقي قبل طروء التعذر ، كما إذا تعذر بعض الأجزاء بعد توجه الخطاب وتعلق الأمر بالكل ؛ إذ لو كان التعذر قبل ذلك لم يكن هناك يقين بوجوب الباقي حتى يستصحب ؛ بل الشك حينئذ يكون في أصل الحدوث لا في البقاء ، ومن المعلوم : أن المعتبر في الاستصحاب هو الشك في البقاء دون الحدوث.
قوله : «أيضا» يعني : كوجوب الباقي قبل التعذر.
وثانيهما : كون المستصحب خصوص الوجوب النفسي القائم بالكل بدعوى : بقاء الموضوع بالمسامحة العرفية ، وجعل المتعذر من الجزء أو الشرط من قبيل حالات الموضوع لا من مقوّماته ، فيقال : «هذا الباقي كان واجبا نفسيا سابقا ، والآن كما كان» ، نظير المثال المعروف وهو استصحاب كرّية ماء أو قلته فيما إذا أخذ منه مقدار أو زيد عليه ، فيقال : «إن هذا الماء كان كرّا أو قليلا والآن كما كان» ، مع وضوح : أن هذا الماء بالدقة العقلية ومع الغض عما زيد عليه أو نقص عنه لم يكن كرّا أو قليلا ؛ لكنه بالمسامحة العرفية كذلك. هذا تمام الكلام في إثبات وجوب الباقي بالاستصحاب.
(١) أي : الاستصحاب ، ويمكن أن يكون الضمير للشأن.
وكيف كان ؛ فغرضه «قدسسره» : هو الإشكال على أول تقريبي الاستصحاب وحاصله : أن الاستصحاب بالتقريب الأول يكون من القسم الثالث من استصحاب الكلي ، وهو ليس بحجة كما يأتي في باب الاستصحاب.