له دلالة على جريان القاعدة في المستحبات على وجه (١) ، أو لا يكون له دلالة على وجوب الميسور في الواجبات على آخر (٢) ، فافهم (٣).
وأما الثالث (٤) : فبعد تسليم (٥) ظهور كون الكل في المجموعي لا الأفرادي لا
______________________________________________________
(١) وهو جعل «لا يسقط» للوجوب ، فإنه حينئذ يختص بالواجبات ولا يشمل المستحبات.
(٢) أي : على وجه آخر وهو حمله على الثبوت ومطلق الرجحان والمطلوبية.
(٣) لعله إشارة إلى : أن حمل «عدم السقوط» على عدم سقوطه بنفسه وبقائه على عهدته لا يوجب خروج المستحبات عن حيّز قاعدة الميسور ؛ إذ لا مانع من كون المستحبات في عهدة المكلف كالواجبات ، ويدل عليه : مثل ما رواه مرازم ، قال : (سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله «عليهالسلام» ، فقال : أصلحك الله إن عليّ نوافل كثيرة ، فكيف أصنع؟ فقال : «اقضها ، فقال : إنها أكثر من ذلك قال : اقضها ، قلت : لا أحصيها ، قال : توخّ») (١) الحديث.
وعليه : فالمستحب كالواجب يستقر في العهدة ، غاية الأمر : عدم وجوب إبراء الذمة عنه ، نظير كون المال الذي أتلفه الصبي في عهدته مع عدم وجوب إبراء ذمته قبل بلوغه ، فلا ملازمة بين الحكم الوضعي والتكليفي.
أو إشارة إلى : أن ما اختاره من عدم سقوط الميسور بما له من الحكم وجوبا كان أو ندبا يشمل الواجب والمندوب بلا تكلف ، فلا يلزم خروج المستحبات أصلا.
(٤) وهو «ما لا يدرك كله لا يترك كله».
(٥) هذا إشارة إلى أحد الإشكالات التي أوردها الشيخ الأنصاري «قدسسره» على الاستدلال بهذا الخبر.
ومحصل هذا الإشكال : أن الاستدلال به منوط بإرادة الكل ذي الأجزاء من كلمة «كله» كما هو واضح ؛ إذ لو أريد الكل ذو الأفراد كما هو المحتمل كان أجنبيا عن مورد قاعدة الميسور ، فإذا أمر بصوم كل يوم من شهر رمضان أو إكرام كل عالم ، تعذر صوم بعض الأيام أو وجوب إكرام بعض العلماء ، فلا وجه للتمسك بقاعدة الميسور لوجوب صوم بعض الأيام أو وجوب إكرام بعض العلماء ؛ لأن الميسور منهما ليس ميسورا لذلك المعسور بعد وضوح كون صوم كل يوم وإكرام كل فرد من أفراد العالم موضوعا مستقلا
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٥١ / ٤ ، علل الشرائع ٢ : ٣٦٢ / ب ٨٢ ، ح ٢ ، تهذيب الأحكام ٢ : ١٢ / ٢٦ ، الوسائل ٤ : ٧٨ / ٤٥٥٨.