قاطعيته لكان من قبيل المتباينين ، ولا يكاد يكون من الدوران بين المحذورين (١) ؛ لإمكان الاحتياط (٢) بإتيان العمل مرتين مع ذلك الشيء (٣) مرة ، وبدونه أخرى كما هو أوضح من أن يخفى (٤).
______________________________________________________
وعلى فرض المانعية أو القاطعية يحرم الإتيان به ، فيدور أمره بين الوجوب والحرمة ، وهذا هو الدوران بين المحذورين.
(١) هذا إشارة إلى ما أفاده الشيخ «قدسسره» من اندراج المقام في الدوران بين المحذورين ؛ لإجرائه البراءة فيما إذا دار أمره بين الجزئية والمانعية ، أو الشرطية والقاطعية ، بناء على عدم حرمة المخالفة القطعية غير العملية كما في دوران الأمر بين المحذورين على ما صرح هو «قدسسره» بذلك في العلم الإجمالي من مباحث القطع ، والمخالفة الالتزامية المترتبة على الأصل الجاري في الطرفين لا محذور فيها ؛ لعدم وجوبها عنده ، فلا محالة يكون الحكم في دوران الأمر بين المحذورين هو التخيير بين الفعل والترك.
(٢) هذا دفع توهم كون المقام من الدوران بين المحذورين.
توضيح هذا الدفع : أن ضابط الدوران بين المحذورين ـ وهو احتمال الموافقة والمخالفة في كل من الفعل والترك وعدم إمكان الموافقة القطعية كما في المرأة المحلوف على مباشرتها أو تركها في وقت خاص ، حيث إن في كل فعل المباشرة وتركها احتمال الموافقة والمخالفة ـ لا ينطبق على المقام ؛ لإمكان الموافقة القطعية فيه بتكرار العمل بأن يؤتى بالصلاة تارة مع الجهر بالقراءة ، وأخرى بدونه ، مع وجود احتمال المخالفة مع كل من الفعل والترك الناشئين عن احتمال المطلوبية.
غاية الأمر : أن ما لا ينطبق عليه الواجب لا يقع لغوا واقعا مع صدوره لغرض عقلائي وهو القطع بامتثال أمر الشارع.
والحاصل : أنه مع العلم الإجمالي بالتكليف وإمكان الامتثال القطعي ولو بالاحتياط المستلزم لتكرار العمل لا يحكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك ، ولا يرخص في ترك الإطاعة.
(٣) أي : الشيء الذي دار أمره بين الجزئية والمانعية والقاطعية ، أو بين الشرطية والمانعية والقاطعية ، وضمير «بدونه» راجع على «ذلك الشيء».
(٤) نعم ؛ لو لم يتمكن من الإتيان مرتين ، كما لو كان الوقت ضيقا ـ مثلا ـ كان من دوران الأمر بين المحذورين ، ويكون المرجع التخيير.