لا يكاد (١) يكون في دفع الإشكال بالقطع بخروج الظن الناشئ منه بمفيد ، غاية
______________________________________________________
وعليه : فيعود الإشكال بعدم قابلية حكم العقل للتخصيص.
وهذا الجواب أورده الشيخ الأعظم أيضا على الأمر الثاني ، فقال : «وفيه : أن منع حصول الظن من القياس في بعض الأحيان مكابرة مع الوجدان ... إلى أن قال : وأما منعه عن ذلك دائما فلا ، وكيف وقد يحصل من القياس القطع؟» (١).
وقد تحصل من كلمات المصنف في الجواب الأول عن الأمرين : أنّا نمنع الأمر الأول بعدم اختصاص بحال الانفتاح ؛ للإجماع وإطلاق الأدلة وعموم العلة ، كما نمنع الأمر الثاني بأنه قد يحصل الظن في بعض الموارد من القياس ، فيعود الإشكال. هذا كله في الجواب الأول المختص بكل واحد من الأمرين.
وأما الجواب الثاني المشترك بينهما فسيأتي.
(١) خبر «فإنه» واسم «يكون» ضمير راجع على الموصول في «ما قيل» المراد به كلا المنعين ، و «بمفيد» خبره ، أي : لا يكون المنع عن عموم الأدلة الناهية ، وكذا المنع عن حصول الظن من القياس بمفيد. وهذا هو الجواب الثاني المشترك لكلا الأمرين ـ أعني : المنعين ـ.
وحاصله : أن هذين الأمرين لا يدفعان إشكال خروج القياس والتنافي بين حكمي العقل والشرع ، ضرورة : أن الإشكال بخروجه إنما هو على فرض حصول الظن منه. فمنع هذا الإشكال تارة : بأن القياس لا يفيده بعد منع الشارع عن العمل به ، وأخرى : بجواز العمل بالظن الحاصل من القياس حال الانسداد خروج عن الفرض ، وهدم لموضوع الإشكال ، فهو في الحقيقة تسليم للإشكال لا دفع له مع بقاء موضوعه ، والجواب بهذا النحو عن الإشكال نظير الجواب عن الإشكال على عدم إكرام زيد ، المفروض أنه من العلماء بأنه ليس بعالم ، فإن هذا الجواب لا مساس له بالإشكال ـ بعد فرض أنه من العلماء ـ فهو فرار عن الإشكال إن لم يكن تسليما له ، لا أنه جواب عنه كما لا يخفى.
وبالجملة : فلا بد من علاج محذور لزوم تخصيص الحكم العقلي بحجية مطلق الظن ، ولا يرتفع هذا المحذور بدعوى : أن نهي الشارع عن العمل بالقياس مانع عن حصول الظن به ، أو أن نهيه عنه كاشف عن كونه غالب المفسدة ؛ إذ من المعلوم : أن جميع النواهي الشرعية كاشفة عن وجود المفاسد الكامنة في متعلقاتها ـ بناء على مذهب
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٥٣١.