يجب تحصيله عقلا لو أمكن (١) ، لو لم نقل (٢) باستقلاله بعدم وجوبه ؛ بل (٣) بعدم جوازه ؛ لما (٤) أشرنا إليه من إن الأمور الاعتقادية مع عدم القطع بها أمكن الاعتقاد بما هو واقعها والانقياد لها ، فلا (٥) إلجاء فيها أصلا إلى التنزل إلى الظن فيما انسد فيه باب العلم ، بخلاف الفروع العلمية ، كما لا يخفى.
وكذلك (٦) لا دلالة من النقل على وجوبه ، فيما يجب معرفته مع الإمكان
______________________________________________________
وبالنبي والأئمة «عليهمالسلام».
(١) قيد ل «يجب» ، والضمير المستتر فيه راجع على تحصيل العلم.
(٢) قيد لقوله : «لا استقلال» ، وهو إضراب عن عدم استقلال العقل بالوجوب إلى استقلاله بعدم الوجوب ، وحاصله : أن العقل لا يحكم بلزوم تحصيل الظن عند تعذر العلم ؛ بل يحكم بعدم لزومه ؛ لما عرفت من : عدم الحاجة إلى الظن في عقد القلب الذي هو المطلوب في الأصول الاعتقادية.
(٣) متعلق ب «لو لم نقل» وإضراب عن استقلال العقل بعدم الوجوب إلى استقلاله بعدم جواز تحصيل الظن ؛ لأن عقد القلب على المظنون تشريع محرم.
(٤) تعليل لعدم الوجوب لا عدم الجواز ، وحاصله : ما تقدم من : أنه مع انسداد باب العلم في الأمور الاعتقادية لا موجب للتنزل إلى الظن فيها ؛ لإمكان عقد القلب على ما هو واقعها ، وعليه : فلا استقلال للعقل بحجية الظن في الاعتقاديات.
وهذا بخلاف الأمور العملية ، فإن امتثال الأحكام الفرعية موقوف على العلم بمطابقة العمل لمتعلق الحكم ، أو الاحتياط ، والثاني غير واجب أو غير جائز ، وقد أشار إلى ذلك بقوله سابقا : «فلا يتحمل إلا لما هو الواقع ، ولا ينقاد إلا له ؛ لا لما هو مظنونه». وهذا بخلاف العمليات ، فلا محيص عن العمل بالظن فيها مع مقدمات الانسداد.
(٥) هذا قرينة على أن قوله : «لما أشرنا» علة لعدم تحصيل الظن لا لعدم جوازه ؛ لأن الإلجاء يوجب حجية الظن ، وهو مفقود هنا ؛ إذ ليس في مرحلة العمل حتى يتعذر التوقف فيه ويتعين العمل بالعلم إن أمكن تحصيله ، أو بالظن مع تعذره ؛ لكونه أقرب إلى الواقع من غيره ، مع فرض عدم جواز إجراء الأصول النافية لاستلزامه الخروج عن الدين ، ولا الاحتياط لعدم وجوبه أو عدم جوازه ، وهذا السبب لجواز العمل بالظن مفقود هنا ، وبانتفائه بالنسبة إلى الأصول الاعتقادية ينتفي المسبب ، وهو حجية الظن فيها.
(٦) عطف على قوله : «لا استقلال للعقل» يعني : كما أنه لا استقلال للعقل بلزوم تحصيل الظن مع اليأس عن تحصيل العلم بالاعتقاديات ، كذلك لا دلالة للنقل على وجوب تحصيل الظن عند تعذر العلم فيما يجب معرفته عن علم مع الإمكان ؛ بل في