من الجهاد ؛ لا النظر والاجتهاد (١) وإلا (٢) لأدى إلى الهداية ، مع أنه يؤدي إلى الجهالة والضلالة إلا إذا كانت هناك منه تعالى عناية ، فإنه (٣) غالبا بصدد إثبات أن ما وجد آباءه عليه هو الحق لا بصدد الحق ، فيكون مقصرا مع اجتهاده ، ومؤاخذا (٤) إذا أخطأ على قطعه واعتقاده.
ثم لا استقلال للعقل (٥) بوجوب تحصيل الظن مع اليأس عن تحصيل العلم ، فيما (٦)
______________________________________________________
العلمية التي منها أصول الدين ؛ حتى تكون المجاهدة مؤدية إلى الواقع ، ولا يقع فيها الخطأ أصلا ؛ إذ لو كان المقصود من المجاهدة النظر في المطالب العلمية لزم ـ بمقتضى قوله تعالى : (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) ـ إصابة الاجتهاد بالواقع دائما ، مع وضوح التخلف في كثير من الاجتهادات ، وهذا التخلف يشاهد على أن المقصود من الآية المباركة هو الحث على مجاهدة النفس بترك العمل بمشتهياتها ؛ لا الترغيب على خصوص تحصيل العلم.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) أي : ليس المراد من المجاهدة النظر والاجتهاد.
(٢) أي : ولو كان المراد بالمجاهدة الاجتهاد والنظر : لزم إصابته دائما ، مع أنه يخطئ كثيرا بشهادة الوجدان ، فضمير «أنه» راجع على النظر والاجتهاد.
(٣) تعليل لقوله : «يؤدي» ، والضمير راجع على المجتهد والناظر.
(٤) أي : فيكون الناظر والمجتهد مؤاخذا على عدم إصابة الواقع لتقصيره بعدم طلبه للحق ، وقوله : «على قطعه» متعلق ب «مؤاخذا».
(٥) هذا إشارة إلى أحد الوجوه التي استدل بها على وجوب تحصيل الظن في أصول الدين عند تعذر العلم ، وحاصله : دعوى استقلال العقل بلزوم تحصيل الظن عند انسداد باب العلم في أصول العقائد ؛ لأن الظن من مراتب العلم ، فيكون كالعلم شكرا للمنعم.
وملخص جواب المصنف عنه : هو منع استقلال العقل ؛ لعدم الحاجة إلى الظن بعد عدم توقف امتثال التكليف ـ أعني : وجوب الاعتقاد ـ على الظن.
قال الشيخ : ـ بعد إثبات وجود القاصر خارجا ـ ما لفظه : «والمقصود فيما نحن فيه الاعتقاد ، فإذا عجز عنه فلا دليل على وجوب تحصيل الظن الذي لا يغني من الحق شيئا» (١).
(٦) متعلق ب «تحصيل الظن» ، والمراد بالموصول في «فيما» : الموارد التي يجب تحصيل العلم فيها ، وضمير «تحصيله» راجع على العلم يعني : لا يستقل العقل بوجوب تحصيل الظن في هذه الموارد عند اليأس عن تحصيل العلم فيها ، وهي المعرفة بالصانع «عزوجل»
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٥٧٧.