الظاهر من قوله في رواية زرارة : « فإنّ ذلك يجزئ عنه » أحد الأولين ، بل هو الظاهر من قوله : « حين يريد أن يحلق » في الرواية الاولى ، ومن التعليل في الأخيرة ، مضافا إلى استبعاد استحباب ذلك أو وجوبه مع التقصير ، مع عدم كون نفس الحلق كذلك ، فالوجه هو أحد الأولين.
وهل هو على الاستحباب كما في الحلق ، أو الوجوب؟
الظاهر : الأول ، لقصور الروايات عن إفادة الوجوب دلالة ، سوى رواية زرارة ، وهي وإن أفادت الوجوب ، ولكنّها لكونها قضيّة في واقعة يحتمل أن لم يمكن في حقّه التقصير ، لعدم شعر له أو كان صرورة أو ملبّدا أو معقوصا ، فإنّه يتعيّن حينئذ إمرار الموسى مع عدم إمكان الحلق ، مضافا إلى الاستبعاد المذكور.
المسألة السادسة : يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى ، حتى لو رحل قبله عمدا أو جهلا أو نسيانا وجب عليه العود إليه للحلق أو التقصير ، بلا خلاف كما قيل (١) ، وفي المدارك : أنّه مما قطع به الأصحاب (٢) ، وعن المدارك والمنتهى : أنّه موضع وفاق (٣) ، وفي المفاتيح وشرحه : أنّه إجماع (٤) ، والظاهر أنّه كذلك ، فهو الدليل على الحكمين ، مضافا إلى رواية أبي بصير المتقدّمة في المسألة الاولى (٥).
وأمّا حسنة مسمع : عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصّر حتى نفر ،
__________________
(١) في الذخيرة : ٦٨٢.
(٢) المدارك ٨ : ٩٥.
(٣) المدارك ٨ : ٩٥ ، المنتهى ٢ : ٧٦٢.
(٤) المفاتيح ١ : ٣٦١.
(٥) الكافي ٤ : ٥٠٢ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٤١ ـ ٨١٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ ـ ١٠١٢ ، الوسائل ١٤ : ٢١٨ أبواب الحلق والتقصير ب ٥ ح ٤.