ابتياع فرس ويردّ ما يعرض عليه فيؤتى له بفرس حسن ، ويقال : إن كنت تريد الفرس الحسن فهذا الفرس الحسن ، وإن كنت تريد أمرا آخر فأنت وشأنك ، ولا دلالة لذلك على انحصار الفرس الحسن ، ومقصود الإمام : أنّه إن كنت تريد النبيذ الذي نحن نشربه أو ينفع بعد الطعام فهذا هو ، وإن كنت تريد أمرا آخر من نشاط وإطراب أو متابعة الناس في أنبذتهم فهو أمر آخر.
وأمّا الثالثة ، فغاية ما تدلّ عليه : أنّ في الأنبذة ما لا يحلّ شربه ، وظاهرها أنّ ما يوضع فيه العكر ، وسيأتي أنّه مسكر ، فلا يفيد.
وثانيا : أنّا لو سلّمنا النهي عن غير ما ذكر ولكنّه لا يعلم كونه لأجل الغليان ، فلعلّه كان لأجل الإسكار ، بل هو الظاهر من صدر صحيحة الجمّال وحسنة حنّان ، وأظهر منه قوله في حسنة أخرى لحنّان ـ بعد قوله : ويزعم أنّك أمرته بشربه ـ فقال : « معاذ الله أن أكون آمر بشرب مسكر » (١).
قول المستدلّ : مضيّ تلك المدّة لا يوجب إسكارا.
قلنا : إن أراد أنّه على سبيل الإطلاق لا يستلزم الإسكار فهو مسلّم ، ولكن الغليان أيضا كذلك ، فإنّ مجرّد مضيّ تلك المدّة لا يوجب الغليان ، سيّما في الخريف والشتاء ، سيّما في البلاد الغير الحارّة ، سيّما إذا كان الماء كثيرا وما نبذه فيه قليلا ، كما ذكر في حسنة حنّان (٢) : أنّ الماء أربعة أمثال الزبيب.
بل في رواية الكلبي النسّابة أكثر من ذلك بكثير ، وهي : عن النبيذ ، فقال : « حلال » قلت : إنّا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك ، فقال : « شه شه تلك الخمرة المنتنة » قلت : جعلت فداك فأيّ نبيذ تعني؟ فقال : « إنّ أهل المدينة شكوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تغيّر الماء وفساد طبائعهم فأمرهم أن
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤١٠ ـ ١٢ ، الوسائل ٢٥ : ٣٥١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٢٢ ح ٣.
(٢) المتقدّمة في ص : ٢٠٤.