الزبيب ، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ، ثمَّ يأمر به فيسقى أو يهراق (١).
قال ابن حجر بعد ذكر الروايتين : الشراب في المدّة التي ذكرتها عائشة يشرب حلوا ، وأمّا القضيّة التي ذكرها ابن عبّاس فقد ينتهي إلى الشدّة والغليان ، لكن يحمل ما ورد من أمر الخدم بشربه على أنّه لم يبلغ ذلك ولكن قرب منه ، لأنّه لو بلغ ذلك لأسكر ، ولو أسكر لحرم تناوله مطلقا ، وقد تمسّك بهذا الحديث من قال بجواز شرب قليل ما أسكر كثيره (٢). انتهى.
وأمّا جعل سبب النهي عن شرب ما مضت عنه أزيد من تلك المدّة الإسكار الخفيّ الغير البيّن ، وجعل كاشفة الغليان ، فهو ممّا لا يصلح الإصغاء إليه في الأحكام الشرعيّة.
ومنها : الأخبار المتضمّنة لحرمة النبيذ الذي يتحقق فيه الغليان مطلقا.
كمرسلة أبي البلاد : كنت عند أبي جعفر فقلت : يا جارية ، اسقيني ماء ، فقال لها : « اسقيه من نبيذي » فجائتني بنبيذ مريس (٣) في قدح من صفر ، قال : فقلت : إنّ أهل الكوفة لا يرضون بهذا ، قال : « فما نبيذهم؟ » قلت : يجعلون فيه القعوة ، قال : « ما القعوة؟ » قلت : اللاذي (٤) ، قال : « فما اللاذي؟ » فقلت : ثفل التمر يضرى به في الإناء حتى يهدر النبيذ ويغلي ثمَّ يسكن فيشرب ، فقال : « هذا حرام » (٥).
__________________
(١) صحيح مسلم ٣ : ١٥٨٩ ـ ٨١.
(٢) فتح الباري ١٠ : ٤٧ وفيه : وأمّا الصفة التي ذكرها ابن عبّاس ..
(٣) في الكافي : من بسر. ومرست التمر وغيره : دلكته بالماء حتى تتحلّل أجزاؤه ـ مجمع البحرين ٤ : ١٠٦.
(٤) كذا في النسخ ، وفي الكافي والوسائل : الداذي.
(٥) الكافي ٦ : ٤١٦ ـ ٤ ، الوسائل ٢٥ : ٣٥٣ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٢٤ ح ١.