ليس المراد ـ في ذلك المقام ـ الثاني قطعا ، لأنّ المستفاد من أخباره : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يجتنب عنه لأنّه كان يجلس جلسة العبد ، والاتّكاء ينافيه وأنّه تشبّه بالملوك.
مع أنّه ورد في رواية أبي خديجة : أنّ أبا عبد الله عليهالسلام كان يجلس جلسة العبد ويضع يده على الأرض ويأكل بثلاث أصابع ، وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأكل هكذا (١) ، فإنّها تدلّ على أنّ في وضع اليد على الأرض تواضعا وانكسارا.
وأيضا صرّح في رواية أبي خديجة المتقدّمة أولا : أنّه لم يأكل متّكئا على يمينه وعلى يساره ، وظاهر أنّه في الأكل لا يتحقّق الاتّكاء على اليمين غالبا ، لأنّ اليمين يد الأكل.
وأيضا في رواية المعلّى علّله بكراهة أن يتشبّه بالملوك ، والملوك يأكلون متّكئين على الوسائد. قال بعض المتأخّرين : الأكل كذلك من دأب الملوك (٢).
وأيضا عطف الانبطاح عليه يؤكّد إرادة أحد المعنيين الآخرين.
وأيضا روى في المحاسن بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام يقول : « إذا أكلت فاعتمد على يسارك » (٣).
وأيضا في رواية الفضيل الصحيحة عمّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه وضع أبي عبد الله عليهالسلام يده على الأرض عند الأكل ، واعتراض عباد عليه ورفعها ، ثمَّ وضعها ، ثمَّ اعتراضه ، ثمَّ رفعه إيّاها ، ثمَّ
__________________
(١) المحاسن : ٤٤١ ـ ٣٠٧ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٦ أبواب آداب المائدة ب ٨ ح ٦.
(٢) انظر البحار ٦٣ : ٣٩١.
(٣) المحاسن : ٤٤١ ـ ٣٠٦ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٤ أبواب آداب المائدة ب ٧ ح ٣.