التذكية حكم من الأحكام الشرعيّة المستحدثة ، فلا يتصوّر توقّف صدق اللفظ فيها على عدمها مع كون اللغة سابقة ، ومنع عموم السلاح ، فإنّه نكرة مثبتة لا عموم فيها لغة ، وإنّما ينصرف إليه حيث لا يكون لها أفراد متبادرة ، ولا ريب أنّ المتبادر منه الغالب إنّما هو ما عدا التفنگ (١). انتهى.
وفيه نظر ، أمّا أولا : فلأنّ قوله : لضعف العموم بتخصيصه ، إلى آخره ، يصحّ لو كان المراد بعموم الحلّ عمومات حلّية الأشياء مطلقا كما هو الظاهر ، أمّا إذا أردنا منه عمومات حلّية ما ذكر اسم الله عليه أو ما رمي وسمّي به ـ كما مرّ في المقدّمة ـ لا يخصّصها الأصل الذي ذكره ، كما مرّ وجهه.
وأمّا ثانيا : فلأنّ قوله : توقّف حلّ الصيد والذبيحة على التذكية ، مسلّم ، ولكن نقول : إنّ هذا العمل أيضا تذكية.
قوله : هي من قبيل الأحكام ، إلى آخره.
قلنا : نعم ، ولكنّها تثبت بقوله سبحانه ( مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ).
فإن قال : نعم ، ولكن ثبت التوقّف على بعض أمور أخر.
قلنا : إن أريد الأمور المبهمة المجملة فغير مسلّم ، وإن أريد أمور مخصوصة فنسلّم منها ما ثبت ، وندفع الزائد بالأصل.
وأمّا ثالثا : فلأنّ قوله : مع معارضته بعمومات حرمة الميتة ، مردود بمنع صدق الميتة على مفروض المسألة ، لجواز اختصاصها بما يخرج روحه حتف أنفه أو غيره ممّا لا يصدق على المفروض.
ولو سلّم صدق الموت على مطلق خروج الروح لا يلزمه صدق
__________________
(١) الرياض ٢ : ٢٦٥.