الميتة أيضا على مطلق ما خرج روحه ، لاقتضاء الهيئة الاشتقاقيّة معنى ، فلعلّه ما يقيّد المطلق ، كما بيّنّاه مفصّلا في العوائد (١) وغيره ، ويثبته عطف ما أهلّ لغير الله في آيتين من كتاب الله سبحانه على الميتة ، وكذا المنخنقة وسائر أخواتها (٢).
وأمّا رابعا : فلأنّ قوله : ودعوى عدم صدق الميتة ، إلى آخره ، فيه : أنّ عدم توقّف صدق لفظ الميتة على عدم التذكية لا يثبت صدقه على كلّ ما خرج روحه ، لاحتمال توقّف صدقه على حتف الأنف ، أو عدم مدخليّة إنسان في فنائه ، أو غير ذلك ، مع أنّه يمكن أن يكون الميتة مقابل المذكّى ، والتذكية أمر ثابت في كلّ شريعة من لدن آدم ، كما نصّ عليه في بعض أسفار التوراة فيما يخبر عن خطابه سبحانه مع نوح النبيّ صلّى الله على نبيّنا وعليه.
وتقدّم سبق لغة الميتة على كلّ الشرائع ممنوع ، ولو سلّم ذلك بحسب اللغة فنقول : إنّه يظهر للمتتبّع في أخبار الأطهار وكلمات الأبرار أنّ الميتة صارت حقيقة شرعيّة فيما يقابل المذكى ، فندّعي الاختصاص شرعا أو عرفا عامّا.
وأمّا خامسا : فلأن ما ذكره ـ من عدم عموم السلاح لغة ، لأنّه نكرة مثبتة ـ مردود بأنّه واقع موقع الشرط ، ومثله يفيد العموم لغة ، كما في قولك : إذا جاءك رجل فأكرمه ، و : من جاءني برجل أكرمه. مع أنّ هذا القول لا يجري في قوله : إذا كان ذلك سلاحه أو مرماته ، والله سبحانه هو العالم.
__________________
(١) عوائد الأيام : ٢١١.
(٢) الاولى في البقرة : ١٧٣ ، النّحل : ١١٥ ، الثانية في المائدة : ٣.