ولعلّه مبنيّ على قاعدته من الاستشكال في دلالة الأوامر الشرعيّة على الوجوب. ولا وجه له.
إلاّ أن يقال : الوجوب الشرعي ـ الذي هو حقيقة الأوامر ـ منفيّ هنا ، فيحمل على المجاز ، وإذ لا يتعيّن فيحتمل مجرّد الرجحان.
ولكن يرد عليه : أنّ المدلول عليه بالقرائن الحاليّة في أمثال المقام كون التجوّز هو الوجوب الشرطي ، وهو مراد الأصحاب أيضا من وجوب التذكية هنا ، مع أنّ في انتفاء الوجوب الشرعي هنا أيضا نظرا ، لكون ترك التذكية إتلافا للمال المحترم وتضييعا له ، وهو الإسراف المحرّم بالكتاب والسنّة ، فيكون فعل ضدّه واجبا ، وقد صرّح بذلك المحقّق الأردبيلي قدسسره في المسألة (١).
وثانيتهما : من قال بعدم اعتبارها مع الحياة الغير المستقرّة ، وتخصيص وجوبها بالحياة المستقرّة المعتبرة في بعض كلماتهم بما يمكن البقاء يوما أو يومين (٢) ، بل في بعضها : الأيّام (٣) ، وفي بعض آخر : يوما أو بعض يوم. وهو المحكيّ عن المبسوط (٤) ، بل عن المشهور بين المتأخّرين كما في شرح المفاتيح وغيره (٥) ، بل مطلقا كما في المفاتيح (٦) ، وهو المصرّح به في كلام الفاضلين (٧).
واستدلّ له بأنّ ما لا تستقرّ حياته قد صار بمنزلة المقتول ، وهو
__________________
(١) مجمع الفائدة ١١ : ٤٩.
(٢) التحرير ٢ : ١٥٦ ، الإيضاح ٤ : ١٢٠.
(٣) كما في كشف اللثام ٢ : ٧٥.
(٤) المبسوط ٦ : ٢٦٠.
(٥) كالرياض ٢ : ٢٦٨.
(٦) المفاتيح ٢ : ٢١٤.
(٧) المحقق في الشرائع ٣ : ٢٠٧ ، والعلاّمة في المختلف : ٦٧٦ ، والتحرير ٢ : ١٥٦.