والقسم الأول من القسم الثاني ـ وهو نجس العين ـ لا يقبل الذكاة إجماعا ، فهو الأصل فيه ، ويدلّ عليه ـ مع الإجماع ـ استصحاب النجاسة.
وكذا القسم الأول من القسم الثالث ـ أيّ الآدمي ـ فإنّ عدم وقوع التذكية عليه إجماعي ، بل ضروري.
وأمّا القسم الأول من الرابع ـ وهو ما لا نفس له من غير المأكول ـ فقد عرفت أنّه لا معنى للتذكية فيه.
فبقي الكلام في الأربعة الأخيرة من جهة الأصل.
فنقول : الأصل في بادئ النظر في الجميع قبول التذكية ، إذ عرفت أنّ التذكية إنّما هي ما تبقى معه الطهارة ، ومقتضى الأصل والاستصحاب بقاؤها إلاّ فيما علم فيه ارتفاعها ، وليس هو إلاّ ما لم تقع عليه التذكية ، أي الصيد أو الذبح مع شرائطهما المقرّرة ، فكلّ حيوان ممّا ذكر صيد أو ذبح كذلك يكون طاهرا بالاستصحاب ، فيكون مذكّى ، وهو المراد بقبول التذكية.
فإن قيل : التذكية أمر توقيفيّ شرعيّ موقوف على توقيف الشارع في كيفيّته وأثره ومورده ، فكلّما وقع فيه الشكّ من هذه الأمور فالأصل عدمه ، وهذا الأصل وإن عارضه أصل الطهارة ولكن تعارضهما من باب تعارض الاستصحابين ، اللذين أحدهما مزيل للآخر ولا عكس ، فإنّ عدم التذكية رافع للطهارة ، بخلاف الطهارة ، فإنّها ليست سببا للتذكية ، كما بيّن تحقيقه في الأصول ، ولازم ذلك تقديم أصالة عدم التذكية.
قلنا : أصالة عدم التذكية بذلك المعنى وإن كان مقدّما على أصالة الطهارة ولكن الكلام في كون عدم التذكية أصلا هنا ، وهو ممنوع ، وذلك لأنّا لا نقول : إنّ الطهارة هنا أمر يتوقّف حصوله على تذكية جعليّة من الشارع. بل نقول : إنّ الطهارة الحاصلة أمر محكوم ببقائها ، إلاّ إذا علم