وكون مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد (١) ، وصحّة المرسلة عمّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه (٢) ، وكذا رواية أبي الربيع ، ثالثا.
والثاني بأنّها تأويلات بعيدة بلا مأوّل ، وتخصيصات بلا مخصّص يمنع عنها العرف واللغة ؛ مع أنّ أكثرها خلاف صريح النصّ ؛ للتصريح فيه بغير حال الضرورة وبغير الإذن ، وبكون الأكل للجوع والشهوة.
وأما الثالث فحسن ، إلاّ أنّ الأخيرتين من الروايات الأخيرة غير دالّتين على الحرمة ، بل الأخيرة منهما ظاهرة في الكراهة ، ومع ذلك هما أخصّان عن المدّعى ؛ لاختصاص أولاهما بالسنبل وثانيهما بالبستان.
فلم تبق إلاّ الاولى ، وهي لمخالفتها للشهرة العظيمة من القدماء خارجة عن حيّز الحجّية جدّا ، فلا تصلح لمعارضة ما مرّ قطعا ؛ مع أنّ دلالتها على المطلوب غير واضحة ؛ لاحتمال أن يكون قوله : « لا يحلّ أن يأخذ منه شيئا » جوابا عن السؤال الأخير ، أي قوله : وكم الحدّ الذي يسعه أن يتناوله ، فأجاب بأنّه لا يحل له الأخذ ـ أي الحمل ـ فيجوز غيره الذي هو الأكل ، ويشعر بذلك عدوله عن لفظ الأكل الواقع في السؤال إلى الأخذ. ويؤكّده اختصاص أخبار المنع طرّا بالأخذ ، وأخبار الجواز كلاّ بالأكل ، وهذا مراد الشيخ (٣) وأتباعه (٤) من حمل أخبار المنع على الأخذ. ولو قطع النظر عن ذلك فلا شكّ في أنّ للأخذ أفرادا كثيرة يشملها من الأخذ للأكل
__________________
(١) انظر عدّة الأصول : ٣٨٧.
(٢) كما في رجال الكشي ٢ : ٨٣٠.
(٣) كما في التهذيب ٧ : ٩٢.
(٤) انظر المختلف : ٣٤٣.