كما عرفت ، أو يدعى أن المفهوم من مثله ـ فضلا عما تعلق الأمر به كجلد مأكول اللحم ـ شرطية غير الحرير في صحة الصلاة ، فمع عدم العلم به كما هو الفرض لم يعلم الخروج عن العهدة عما ثبت التكليف به من شخصي الصلاة وإن قلنا إن اسمها للأعم ، ولعل القطع بوجوب الإعادة في كلام الأصحاب يرشد إلى ذلك ، أو للبناء على الأول لما عرفت من أنهم يفهمون من مثل هذه الخطابات أي « لا تصل في الحرير » ونحوه شرطية الصلاة في غير الحرير ولو لأنه لما ورد النهي عن الصلاة في الحرير مثلا كان مقيدا للأوامر الظاهرة في الاكتفاء بالصلاة في كل شيء ، فهو من قبيل المقسم له إلى قسمين : الصلاة في غير الحرير والصلاة فيه ، فتبقى الصلاة في مجهول الحال غير داخلة في واحد منهما ، فلم يعلم الامتثال بها ، هذا ، مع أنه قد يظهر من عبارة ذلك المناقش الحكم بالصحة حتى لو علم بالحريرية مثلا بعد ذلك ، وهو معلوم البطلان.
وحاصل البحث في جميع ما تقدم أن الجاهل إما أن يكون بالحكم أو بالموضوع أي متعلق الحكم أما الأول فكالعامد بالنسبة للصحة والبطلان إلا في المسألتين السابقتين وفي الجاهل بالحكم جهلا يعذر فيه مع تبعية الحكم الوضعي للتكليفي كالجاهل بحرمة الغصب مثلا جهلا يعذر فيه ، وأما الجاهل بالموضوع فالظاهر أنه كذلك أيضا بالنسبة للصحة والبطلان إلا في مسائل ثلاث : الغصبية والنجاسة في الثوب والبدن ومحل السجود على الأقوى والميتة بشرط الأخذ ممن تقدم ذكره ، بل يدخل فيه كل ما رخص الشارع بالأخذ فيه من طريق خاص كما في بعض مسائل القبلة ونحوها.
وهل يدخل في ذلك خطأ البينة وحكم الحاكم ونحوهما؟ وجهان ، أقواهما العدم تحكيما لقاعدة الشرطية ونحوها ، فلو قامت البينة على كون الجلد جلد مأكول اللحم مثلا أو أن هذه القطعة أرض ثم تبين الخطأ فالأقوى وجوب الإعادة ، فتأمل ، فإنه قد يقال باقتضاء قاعدة الإجزاء عدمها ، لكن قد يمنع ظهور أمر العمل بنحو ذلك في الاجزاء.