القاضي بعلمه في الجملة (١) ، مع انّه لم يرتكب أمرا غير معقول عند أحد من الفقهاء هذا.
ولكنك خبير بما فيه أيضا : فإنّ من كان هذه مقالته يزعم : أنّ القضاء ليس من أحكام نفس الواقع بما هو واقع ، بل انّما هو من أحكام الواقع المقيّد. وبعبارة أخرى : من أحكام الواقع الذي قام عليه البيّنة أو حلف عليه ، فهذا كما ترى أجنبيّ عن موضوع البحث. ومن يرى كونه من أحكام نفس الواقع دائما جعل ميزان القضاء في حقّ الجاهل طريقا اليه كما هو الحقّ وعليه المشهور ، فهو قائل بما ذكرنا جدّا ، فالبحث معه يرجع في الحقيقة الى البحث في الصغرى.
ومن هنا يظهر الكلام فيما ذكروه في باب القضاء : من عدم جواز قضاء الحاكم بعلمه في حقوق الله (٢).
ومنها : أنّه ينافي ما ذكره غير واحد من الاصحاب ، بل هو من المسلّمات عندهم ظاهرا : من أنّ الوسواسي القاطع لا يعمل بقطعه ولا تترتّب أحكام الواقع عليه حتما لمادّة مرضه.
ولكنّك خبير بفساده أيضا ؛ فانّه لا تعلّق له بموضع البحث حقيقة ؛ فانّه من إرتكاب أقلّ القبيحين فيرجع إلى التّصرف في الواقع ، فانّه يقال : انّ البول مثلا في حقّه ليس ممّا يجب اجتنابه ويجوز شربه من باب الضرورة ودفع المرض
__________________
(١) لم نعثر عليه وانظر الرياض : ج ١٥ / ٣١ ط آل البيت ، وجواهر الكلام : ج ١٤ / ٥٣ ط دار المؤرخ العربي ، وكتاب القضاء للآشتياني : ج ١ / ١٦٧.
(٢) انظر الوسيلة لإبن حمزة : ٢١٨ ، والسرائر : ج ٢ / ١٧٩.