الملاقي لذلك الثوب وإن كان نفس الثوب خارجاً عن محلّ الابتلاء أو معدوماً في الخارج فاستصحاب نجاسة الثوب وإن كان لا يجري لأجل التعبّد بنجاسة نفس الثوب لأنّ ما هو خارج عن محلّ الابتلاء أو معدوم في الخارج غير قابل لأن يتعبّد بنجاسته في نفسه ، إلاّ أنّه يجري باعتبار الأثر اللازم لمجراه أعني به نجاسة البدن في المثال ، فكما أنّ الأصل العملي يجري لإثبات ما هو لازم مجراه وإن لم يكن المجري في نفسه قابلاً للتعبّد ، كذلك الأصل اللفظي يجري لإثبات لوازم مجراه وإن لم يكن المجري في نفسه مورداً للتعبّد ، وعليه فلا مانع من جريان أصالة عدم الاستخدام لإثبات لازم مجريها ، أعني به إرادة الخاصّ ممّا يرجع إلى الضمير في محلّ الكلام.
قلت : قياس الأصل اللفظي بالأصل العملي في ما ذكر قياس مع الفارق لأنّ الأصل العملي إنّما يجري لإثبات الآثار الشرعيّة ولو بألف واسطة ، بخلاف المقام فإنّ إرادة الخاصّ من العام ليست من آثار عدم الاستخدام شرعاً بل هي من لوازمه عقلاً ، والأصل المثبت وإن كان حجّة في باب الاصول اللفظيّة ، إلاّ أنّه من الواضح أنّ إثبات لازم عقلي بأصل فرع إثبات ملزومه ، فالأصل اللفظي إذا لم يمكن إثبات الملزوم به لم يمكن إثبات لازمه به أيضاً لأنّه فرعه وبتبعه.
الوجه الثالث : أنّ استفادة الرجعيّات في قوله تعالى : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ) ليس من نفس الضمير ، بل يستفاد ذلك من عقد الحمل وهو قوله تعالى : « أحقّ بردهنّ » حيث إنّه معلوم من الخارج أنّ ما هو الأحقّ بالردّ هو خصوص الرجعيّات ، فالضمير لم يرجع إلى الرجعيّات بل رجع إلى نفس المطلّقات وكأنّ استفادة الرجعيّات من عقد الحمل ، فيكون من باب تعدّد الدالّ والمدلول ، فأين الاستخدام المتوهّم (١)؟ ( انتهى ).
أقول : وفي كلامه مواقع للنظر :
الأوّل : ( في جوابه عن قياس الاصول اللفظيّة بالاصول العمليّة في ذيل الوجه الثاني ) أنّه لا دخل لكون الأصل في المقام مثبتاً أو غير مثبت ولا حاجة إليه في الجواب ، بل العمدة أنّ الاصول اللفظيّة ( لكون مجريها هو الشكّ في المراد ) لا تجري في أمثال المقام سواء كان لها لازم أو لم يكن ، وسواء قلنا بحجّية مثبتات الأمارات أو لم نقل.
__________________
(١) راجع الأجود : ج ١ ، ص ٤٩٢ ـ ٤٩٥ ؛ وفوائد الاصول : ج ١ ، ص ٥٥٢ ـ ٥٥٣.