جملة منها في صدر البحث ، ولا بأس بالإشارة إلى بعضها الآخر التي تشير أيضاً إلى بعض مصاديق البداء الواقعة في الامم الماضية.
١ ـ ما رواه حسن بن محمّد النوفلي قال : قال الرضا لسليمان المروزيّ : ما أنكرت من البداء ياسليمان والله عزّوجلّ يقول : ( أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئاً ) ويقول عزّوجلّ : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ويقول : ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ويقول عزّوجلّ : ( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) ويقول : ( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِنْ طِينٍ ) ويقول عزّوجلّ : ( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِامْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) ويقول : ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) قال سليمان : هل رويت فيه عن آبائك شيئاً؟
قال : نعم رويت عن أبي عبدالله عليهالسلام أنّه قال : إنّ لله عزّوجلّ علمين : علماً مخزوناً مكنوناً لا يعلمه إلاّهو من ذلك يكون البداء ، وعلماً علّمه ملائكته ورسله ، فالعلماء من أهل بيت نبيّك يعلمونه ، قال سليمان : أحبّ أن تنزعه لي من كتاب الله عزّوجلّ ، قال : قول الله عزّوجلّ لنبيّه : ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ) أراد هلاكهم ثمّ بدا فقال : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال سليمان : زدني جعلت فداك ، قال الرضا عليهالسلام : لقد أخبرني أبي عن آبائه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الله عزّوجلّ أوحى إلى نبي من أنبيائه أن أخبر فلان الملك أنّي متوفّيه إلى كذا وكذا فأتاه ذلك النبي ... إلى آخر الحديث » (١).
٢ ـ ما رواه أبو بصير ( وهو المعروف بقصّة العروس ) قال : سمعت أبا عبدالله الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام يقول : إنّ عيسى روح الله مرّ بقوم مجلبين فقال : ما لهؤلاء؟ قيل : ياروح الله ، إنّ فلانة بنت فلان تهدى إلى فلان بن فلان في ليلتها هذه. قال : يجلبون اليوم ويبكون غداً. فقال قائل منهم : ولِمَ يارسول الله؟ قال : لأنّ صاحبتهم ميّتة في ليلتها هذه ، فقال القائلون بمقالته : صدق الله وصدق رسوله ، وقال أهل النفاق ما أقرب غداً. فلمّا أصبحوا جاؤوا فوجدوها على حالها لم يحدث بها شيء فقالوا : ياروح الله إنّ التي أخبرتنا أمس أنّها ميتة لم تمت. فقال : عيسى على نبيّنا وآله وعليه السلام : يفعل الله ما يشاء فاذهبوا بنا إليها ، فذهبوا يتسابقون حتّى قرعوا الباب ، فخرج زوجها فقال له عيسى عليهالسلام : استأذن لي على صاحبتك قال : فدخل عليها
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤ ، باب البداء والنسخ ، ح ٢.