ومعادهم ، من غير أن يزيد عليه شيئاً أو ينقص منه شيئاً ، ومن المعلوم أنّ اعتبار الأمارات لأجل كونها طريقاً إلى الواقع فقط من دون أن يترتّب على العمل بها مصلحة وراء إيصالها إلى الواقع ، فليس قيام الأمارة عند العقلاء محدثاً للمصلحة لا في المؤدّى ولا في العمل بها وسلوكها ، وعليه فالمصلحة السلوكيّة لا أساس لها ».
وفيه : أنّ للعقلاء أيضاً في تشريعاتهم وتقنيناتهم مصلحة تتعلّق بسلوك الأمارات بلا إشكال لأنّ عدم حجّية الظنّ في ما بينهم أيضاً يوجب الحرج الشديد واختلال نظامهم ومعاشهم الدنيويّة ولا نعني بالمصلحة السلوكيّة إلاّهذا ، فالإنسان إذا لم يعتمد على اليد كالدليل على الملكية وعلى قول المشهور ، وكذا ظواهر الألفاظ وخبر الثقة وغير ذلك من الأمارات العقلائيّة لا يقدر على أن يعيش ولو شهراً إلاّفي حرج شديد وضيق أكيد.
ثانيهما : ما حاصله : أنّه لا يتصوّر لسلوك الأمارة وتطرّق الطريق معنى وراء العمل على طبق مؤدّاها ، فلا يتصوّر له مصلحة وراء المصلحة الموجودة في الإتيان بالمؤدّى.
وإن شئت قلت : الإتيان بالمؤدّى والسلوك على طبق الأمارة من المفاهيم المصدريّة النسبية لا يعقل أن تصير متّصفة بالمصلحة أو المفسدة ، بل المصلحة والمفسدة قائمتان بنفس الخمر والصّلاة مثلاً.
وفيه أيضاً : إنّ المصلحة السلوكيّة ليس معناها أنّ صلاة الجمعة مثلاً ( التي يدلّ خبر الواحد على وجوبها ) تصير ذا مصلحتين بالسلوك بل المقصود أنّ جعل الحجّة للأمارة وجعلها طريقاً إلى الواقع يوجب التسهيل وعدم رغبة الناس عن الدين وشبه ذلك.
ثالثها : « إنّ ظاهر عبارة الشيخ وشارح مراده أنّ المصلحة قائمة بالتطرّق والسلوك بلا دخالة للواقع في حدوث تلك المصلحة ، وعليه فلو أخبر العادل عن الامور العادية لزم العمل على قوله في هذه الموارد أيضاً لأنّه ذا مصلحة سلوكيّة ، وهو كما ترى ».
أقول : ظاهر هذه العبارة أنّ وجود المصلحة السلوكيّة في الامور الشرعيّة يستلزم وجودها في الامور العادية أيضاً ( لأنّ المفروض أنّ حجّية الأمارات إمضاء لطريق العقلاء ، والمصلحة قائمة بنفس السلوك بلا دخالة للواقع في حدوث تلك المصلحة ) مع أنّه كما ترى ، أي لا معنى لحدوث المصلحة في سلوك الأمارة في الامور العادية.
والجواب عنه واضح ، لأنّ المراد من طريقة العرف والعقلاء الممضاة عند الشارع هي