الظهور المنعقد للكلام خالياً عمّا يصلح لأن يكون صارفاً » ( انتهى ) (١).
هذا كلّه في حجّية الظواهر إجمالاً.
وأمّا بالنسبة إلى خصوصيّاتها وجزئياتها فوقع النزاع في امور ثلاثة :
١ ـ هل الحجّية هنا مقيّدة بحصول الظنّ الشخصي على الوفاق؟
٢ ـ هل هي مقصورة على من قصد إفهامه؟
٣ ـ هل تكون ظواهر الكتاب حجّة مستقلاً أو بعد تفسير الأئمّة المعصومين عليهمالسلام كما ذهب إليه الأخباريون؟
أمّا الأمر الأوّل : فاختلفوا فيه على أربعة أقوال :
١ ـ قول من يقول بتقييدها بالظنّ بالوفاق.
٢ ـ قول من يقول بتقييدها بعدم الظنّ بالخلاف.
٣ ـ قول من لا يعتبر الظنّ الشخصي مطلقاً.
٤ ـ تفصيل المحقّق النائيني رحمهالله بين الألفاظ التي تتردّد بين العبيد والموالي وفي مقام الاحتجاج ، والألفاظ التي لا تصدر في هذا المقام كالمتردّدة بين صديقين مثلاً فاعتبر حصول الظنّ ( بل حصول أعلى مراتبه وهو الاطمئنان ) بالوفاق في الثاني دون الأوّل.
واستدلّ القائلون بالقول الثالث ، أي عدم اعتبار الظنّ الشخصي مطلقاً ، بإطلاق بناء العقلاء ( الذي كان هو المدرك في أصل حجّية الظواهر ) القائم على الأخذ بالظواهر واتّباعها إلى أن يعلم بالخلاف ، والدليل على هذا الإطلاق هو عدم صحّة الاعتذار عن مخالفتها بعدم إفادتها الظنّ بالوفاق ولا بوجود الظنّ بالخلاف.
أقول : الحقّ صحّة هذا الإطلاق وإنّ استدلالهم به في محلّه ولا بأس به.
وأمّا تفصيل المحقّق النائيني رحمهالله وهو عدم اعتبار حصول الظنّ بالوفاق في موارد الاحتجاج واعتباره في غيره فهو دعوى بلا دليل وإن كان بناء كثير من الناس في غير الموالي والعبيد على الاحتياط في هذه الموارد ، لا سيّما إذا كان في الامور المهمّة والأموال الضخمة.
نعم ، يستثنى منه بعض ما ثبتت أهميّته في نظر الشارع المقدّس كباب الحدود والديّات من
__________________
(١) راجع درر الفوائد : ج ٢ ، ص ٣٥٩ ـ ٣٦٢ ، طبع جماعة المدرّسين.