أصحابنا لا يفضل ( ليس بتفاضل ) واحد منهما على صاحبه ، قال : فقال : « ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فانّ المجمع عليه لا ريب فيه » (١).
وتقريب الاستدلال بها : أنّ المجمع عليه في الموضعين منها هو المشهور بقرينة إطلاق المشهور عليه في قوله عليهالسلام بعد ذلك : « ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور » بل وفي قول الراوي أيضاً : « فإن كان الخبران عنكم مشهورين » وعليه فالتعليل بقوله : « فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه » يكون دليلاً على أنّ المشهور مطلقاً سواء كان رواية أو فتوى هو ممّا لا ريب فيه ويجب العمل به ، وإن كان مورد التعليل خصوص الشهرة في الرّواية.
وأمّا ضعف سندها فإنّه يجبر بعمل الأصحاب بها ولذلك يعبّر عنها بالمقبولة.
وأمّا الثانية : ما ورد في المشهورة : فهي مرفوعة العلاّمة رحمهالله المنقولة في غوالي اللئالي ( ومن العجب أنّها غير موجودة في كتب العلاّمة رحمهالله كما قيل ) قال : روى العلاّمة رحمهالله مرفوعة عن زرارة قال سألت الباقر عليهالسلام قلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان بأيّهما نعمل؟ قال عليهالسلام : « خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر » (٢).
فاستدلّ بقوله عليهالسلام « خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر » لأنّ الموصول فيها عام يشمل الشهرة بأقسامها.
لكن يرد عليه امور لا يتمّ الاستدلال به من دون الجواب عنها :
الأوّل : أنّ هذا الاستدلال دوري لأنّ حجّية هاتين الروايتين أيضاً متوقّفة على عمل المشهور بهما.
ويمكن الجواب عنه بأنّ الموقوف هنا غير الموقوف عليه ، لأنّ ما يكون حجّيته متوقّفة على هاتين الروايتين هي الشهرة الفتوائيّة بما أنّها دليل مستقلّ يكشف عن قول المعصوم عليهالسلام بينما المتوقّف عليه حجّية الروايتين هو الشهرة الفتوائيّة بما أنّها جابرة لضعف السند فإنّه سيأتي في البحث عن حجّية خبر الواحد أنّ المهمّ فيها حصول الوثاقة بالرواية وإن لم تكن الرواة موثوقاً بهم ، ومن الامور التي توجب الوثوق بالرواية ( أي كون الرّواية موثوقاً بها ) شهرة الفتوى على وفقها.
__________________
(١) وسائل الشيعة : أبواب صفات القاضي ، الباب ٩ ، ح ١.
(٢) غوالي اللئالي : ج ٤ ، ص ١٣٣ ، ومستدرك الوسائل : ج ١٧ ، ص ٣٠٣.