الثاني : ما أورده المحقّق الخراساني رحمهالله عليهما من أنّ المراد من الموصول ( كلمة « ما » في المشهورة والألف واللام الموصولة في المقبولة ) فيهما هو الرّواية لا ما يعمّ الفتوى (١).
ويمكن أيضاً الجواب عن هذا بأنّه تامّ بالنسبة إلى المشهورة لا المقبولة لأنّ الكبرى فيها عام وإن كانت الصغرى خاصّة ولا سيّما أنّه كدليل عقلي.
الثالث : ما أورده في درر الفوائد : من أنّ غاية ما تدلّ عليه هاتان الروايتان كون الشهرة مرجّحة من المرجّحات مع أنّ النزاع في كونها حجّة مستقلّة في قبال سائر الحجج ولا ملازمة بين المرجّحية والحجّية مستقلّة (٢).
هذا أيضاً يمكن الجواب عنه بأنّ التعليل عام.
الرابع : ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله وهو أنّ التعليل الوارد في المقبولة ليس من العلّة المنصوصة ليكون من الكبرى الكلّية التي يتعدّى عن موردها فإنّ المراد من قوله « فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه » إن كان هو الإجماع المصطلح فلا يعمّ الشهرة الفتوائيّة وإن كان المراد منه المشهور فلا يصحّ حمل قوله عليهالسلام « ممّا لا ريب فيه » عليه بقول مطلق ، بل لابدّ من أن يكون المراد منه عدم الريب بالإضافة إلى ما يقابله ، وهذا يوجب خروج التعليل عن كونه كبرى كلّية لأنّه يعتبر في الكبرى الكلّية صحّة التكليف بها ابتداءً بلا ضمّ المورد إليها كما في قوله : « الخمر حرام لأنّه مسكر » فإنّه يصحّ أن يقال : لا تشرب المسكر بلا ضمّ الخمر إليه ، والتعليل الوارد في المقبولة لا ينطبق على ذلك لأنّه لا يصحّ أن يقال : « يجب الأخذ بكلّ ما لا ريب فيه بالإضافة إلى ما يقابله » وإلاّ لزم الأخذ بكلّ راجح بالنسبة إلى غيره وبأقوى الشهرتين وبالظنّ المطلق وغير ذلك من التوالي الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها فالتعليل أجنبيّ عن أن
__________________
(١) وقد أخذ محقّق الخراساني رحمهالله هذا الإشكال من الشيخ أعلى الله مقامه حيث قال : أمّا الاولى ( يعني بها المرفوعة ) فيرد عليها مضافاً إلى ضعفها ـ حتّى أنّه ردّها من ليس دأبه الخدشة في سند الرّوايات كالمحدّث البحراني ـ أنّ المراد من الموصول هو خصوص الرّواية المشهورة من الروايتين دون مطلق الحكم المشهور ، ألا ترى أنّك لو سألت عن أنّ أي المسجدين أحبّ إليك قلت : « ما كان الاجتماع فيه أكثر » لم يحسب للمخاطب أن ينسب إليك محبوبيّة كلّ مكان يكون الاجتماع فيه أكثر بيتاً كان أو خاناً أو سوقاً ، وكذا لو أجبت عن سؤال المرجّح لأحد الرمّانين فقلت ما كان أكبر. ( انتهى ).
(٢) درر الفوائد : ج ٢ ، ص ٣٧٩ ، طبع جماعة المدرّسين.