في قصّة ذبحه لإسماعيل أشار إليه تبارك وتعالى بقوله : ( وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) (١) ، فإنّ المصلحة فيها موجودة في الفعل ، أي في جميع المقدّمات قبل حصول ذي المقدّمة والوصول إليها ، فإذا وصلت إلى ذي المقدّمة منع عن تحقّقه مانع من جانب الله تعالى.
الأمر الثاني : وإن أبيت عن ما ذكر ( من وجود المصلحة في الفعل ) فنقول : الأوامر الإمتحانية خارجة عن محلّ النزاع ، لأنّ النزاع في الأوامر الجدّية التي تنشأ عن جدٍّ ، والأوامر الإمتحانية إنشاءات صادرة بالإرادة الاستعماليّة بداعي الإمتحان لا بداعي الجدّ.
ثانيها : التكاليف التي ترد مورد التقيّة إذا لم يكن في نفس العمل تقيّة فإنّ إمكانها بل وقوعها في الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ممّا لا يكاد يعتريه شوب الإنكار ، وإن منعنا وقوعه في حقّه تعالى بل وفي حقّ النبي صلىاللهعليهوآله أيضاً فإنّ تلك التكاليف متّصفة بالحسن والرجحان لما فيها من صون المكلّف أو المكلَّف عن مكائد الأعادي وشرورهم وإن تجرّد ما كلّف به عن الحسن الابتدائي.
والجواب عنه هو الجواب عن الوجه الأوّل ، فإنّ هذا القسم من الأوامر أيضاً خارجة عن محلّ النزاع لخلوّها عن الإرادة الجدّية.
ثالثها : أنّ كثيراً من الأحكام المقرّرة في الشريعة معلّلة في الحقيقة ولو بحسب الظنّ أو الاحتمال بحكم غير مطرد في جميع مواردها ، ومع ذلك فقد حافظ الشارع على عمومها وكلّيتها حذراً من الأداء إلى الاخلال بموارد الحكم كتشريع العدّة لحفظ الأنساب من الاختلاط حيث أثبتها الشارع بشرائطها على سبيل الكلّية حتّى مع القطع بعدم النسب أو بعدم الاختلاط كما في المطلّقة المدخول بها دبراً أو مجرّداً عن الإنزال والغائب عنها زوجها أو المتروك وطيها مدّة الحمل وغير ذلك.
وفيه : أنّه يظهر بالتأمّل والدقّة في هذه الموارد أنّ الفعل أيضاً حسن وذو مصلحة لأنّ العدّة في موارد القطع بعدم الاختلاط مثلاً يوجب الممارسة والتربيّة لإحراز القانون وحفظها في موارد الاختلاط والالتباس ، فله حسن مقدّمي غيري نظير رعاية مقرّرات السياقة في جوف
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٢٤.