سبق أنّ النزاع في المقام ليس منحصراً في الضروريات فقط فلا دور لإجماع العقلاء وتطابقهم في حجّية القطع الحاصل من الدليل العقلي ، نعم أنّها مفيدة على حدّ التأييد وإيجاد اطمئنان القلب.
وثانياً : أنّ استدلاله لعدم الملازمة في صورة عدم تطابق آراء العقلاء باحتمال أن يكون هناك مناط لحكم الشارع غير ما أدركه العقل أو مانع يمنع عنه ـ مخالف لما هو المفروض في محلّ الكلام ، لأنّ المفروض في هذه الصورة أيضاً حصول اليقين بالحسن أو القبح ( كاليقين بحسن العدل أو قبح الظلم في صورة تطابق الآراء ) جامعاً للشرائط وفاقداً للموانع ، واليقين حجّة بذاته من دون حاجة إلى تطابق الآراء.
وثالثاً : أنّ قوله باعتبار تطابق آراء العقلاء واتّفاقهم في حكم العقل بالملازمة أشبه بالتمسّك بدليل الاستقراء الذي يرجع إلى استنباط حكم عام من مشاهدة الجزئيات والمصاديق ، مع أنّ الدليل العقلي في المقام قياس يتشكّل من صغرى وكبرى ، وعبارة عن الحركة من الكلّي إلى الجزئي.
وإن شئت قلت : إن كان الاستقراء هنا استقراءً ناقصاً لا يوجب القطع بالمصلحة أو المفسدة فلا فائدة فيه ولا يستكشف منه الحكم الشرعي ، وإن كان استقراء تامّاً يشمل حكم الشارع أيضاً ، فحينئذٍ يكون الملاك ما استكشفناه من حكم الشرع ، ولا دخل أيضاً لتطابق الآراء.
ورابعاً : أنّ الملاك في مولويّة الحكم إنّما هو صدوره من المولى بما أنّه مولى ومفترض الطاعة ، أي صدوره من ناحية مولويته ، وإذاً يمكن الجمع بين التأكيد والمولويّة ، أي يمكن تأكيد أمر مولوي بأمر مولوي آخر ، فلا يكون الأمر المولوي منحصراً في التأسيس ، كما أنّ الملاك في إرشاديّة الحكم صدوره من ناحية المولى بما أنّه ناصح مرشد ( لا بما أنّه مولى ) وحينئذٍ يكون إرشاديّاً ولو كان أوّل ما صدر من المولى ، فليس منحصراً في التأكيد فالأمر في مثل قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) أو قوله : ( كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ) مولوي قطعاً ، وإن حكم العقل أيضاً بالعدل والاحسان والقسط ، لصدوره منه تعالى بما أنّه مولى مفترض الطاعة لا بما أنّه ناصح ومرشد إلى حكم العقل.
وخامساً : أنّ قوله باستحالة حكم الشارع في مورد حكم العقل أيضاً كلام عجيب لأنّه