فحسب ، إنّها تعكس عنوان حقبة تاريخية هامّة في مسيرة الإنسانية ، ويتوقّف عليها مستقبلها ، فمعرفة الغيبة ضرورة لمعرفة الزمن ، ومعرفة الزمن لابدّ منها لأداء المهمّات الرسالية في الحياة ، ـ فمن عرف زمانه لم تهجم عليه الهواجس ـ ، وما أسخف ما يرمي به البعض الشيعة بأنّهم جمدوا التاريخ بفكرة ـ غيبة الإمام ـ وأنّهم أدخلوا الحضارة فترة سبات؟!
كلا إنّ الإيمان بالغيبة يُصعّد دور الفرد والأُمّة ، ويحمّلاهما مسؤوليات جسام قصد بلوغ منزلة ( الانتظار ) بكلّ ما يختزنه من دلالات الجهاد والتضحية للتمهيد للإمام ، هذا الانتظار كما يعيشه المؤمنون العاملون في مشارق الأرض ومغاربها ، هذا الانتظار الذي يوحّد قلوب وعقول المجاهدين الأحرار في كلّ مكانٍ هو فيض من فيوضات ـ معرفة الغيبة ـ ونفحة من نفحات ـ الغيب ـ.
ـ اللّهم إنّا نسألك أن تأذن لوليك في إظهار عدلك في عبادك ، وقتل أعدائك في بلادك ، حتّى لا تدع للجور يا ربّ دعامة إلا قصمتها ، ولا بقيّة إلا أفنيتها ، ولا قوّة إلا أوهنتها ، ولا ركناً إلا هدمته ، ولا حدّاً إلا فللته ، ولا سلاحاً إلا أكللته ، ولا راية إلا نكّستها ، ولا شجاعاً إلا قتلته ، ولا جيشاً إلا خذلته ، ... ، وعذّب أعداءك وأعداء وليّك وأعداء رسولك صلواتُك عليه وآله ، بيد وليك وأيدي عبادك المؤمنين ـ (١).
__________________
* تخصص الفصل السادس لفلسفة الانتظار.
١ ـ عباس القمي ، مفاتيح الجنان ، دعاء زمن الغيبة ، ص ١٠٥.