عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ إنّه دخل عليه أحد أصحابه فقال له : جعلت فداك إنّي والله أحبّك وأحبّ من يحبّك يا سيدي ، ما أكثر شيعتكم ، فقال له : أذكرهم ، فقال : كثير ، فقال تحصيهم؟ فقال : هم أكثر من ذلك ، فقال أبو عبد الله : أما لو كملت العدّة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون ، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه. ( إلى أن سأل ) فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنّهم يتشيّعون؟ فقال : فيهم التمييز ، وفيهم التمحيص ، وفيهم التبديل ، يأتي عليهم سنون تفنيهم ، وسيف يقتلهم ، واختلاف يبدّدهم ، إنّما شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل الناس بكفّه وإن مات جوعاً.
قلت : جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء الموصفين بهذه الصفة؟ فقال اطلبهم في أطراف الأرض ، أولئك الخفيض عيشهم ، المنتقلة دارهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ـ (١).
فالروايات إذن لم تكتف بضبط عددهم؛ بل تحدّثت أيضاً عن صفاتهم وخصائصهم وأنّهم من جميع أنحاء العالم ، عن علي عليهالسلام : ـ أحصاهم لي رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أصحاب بدر يجمعهم الله من مشرقها إلى مغربها ـ (٢).
إنّهم يتميّزون بالدرجة العليا من الإخلاص ، وهم أوّل من يبايع المهدي بعد جبرائيل واستماعهم لخطبته بين الركن والمقام ، وسيكونون الفقهاء والحكّام والقضاة وقادة الجيش في دولة المهدي ، وهم رهبان بالليل أُسْد بالنهار ، جاء في الأثر : ـ يظهر المهدي بمكّة عند العشاء. فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدد أهل بدر من غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف ، رهبان بالليل أُسْد بالنهار ـ.
وفي غيبة النعماني حديث عن راية المهدي : ـ فإذا هزّها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه أشدّ من زبر الحديد ، وأعطي قوّة أربعين رجلاً ـ (٣) ، فهم يتحلّون بالشجاعة والطاعة المطلقة للإمام والانقياد الكامل له حتّى ، جاء في رواية البحار أنّهم : ـ يتمسّحون بسرج الإمام عليهالسلام ،
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٠٣.
٢ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ،
٣ ـ النعماني ، الغيبة ، ص ١٦٧.