يطلبون بذلك البركة ، ويحفّون به ، يقونه بأنفسهم بالحروب ، ويكفّونه ما يريد منهم ـ هم أطوع له من الأَمَةُ لسيّدها ـ.
كما جاء في الروايات في وصفهم : ـ رجال مؤمنون عرفوا الله حقّ معرفة ـ ، ـ خير فوارس على وجه الأرض ـ ، ـ قلوبهم كزبر الحديد ـ ، ـ لا يبالون في الله لومة لائم ـ ، ـ لو حملوا على الجبال لأزالوها ـ ، ـ فيهم رجال لا ينامون الليل ، لهم دوّي في صلاتهم كدوّي النحل ـ ، ـ إذا ساروا سار الرعب أمامهم مسيرة شهر ـ ....
هذه الطليعة المهدوية هي عصارة التاريخ وحصيلة قانون التمحيص زمن الغيبة الكبرى.
وأخيراً يجب أن نقف عند دلالتين رمزيتين مهمّتين لعدد أفراد هذه الطليعة ـ ثلاثمائة وثلاثة عشر ـ وتسميتها ـ جيش الغضب ـ أمّا الدلالة الأولى فهي توحي أنّ معركة الإمام مع الأعداء هي شبيهة بمعركة بدر ، فإن كانت الأخيرة أسّست لانتصار الإسلام وإرساء الدولة النبوية ، ـ اللّهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً ـ فإنّ معركة الإمام هي التي ستؤدّي إلي قيام الدولة العالمية وسيادة رسالة الإسلام فمعارك المهدي هي امتداد لحركة الرسول في التاريخ وتتويج لجهوده التأسيسية المباركة.
أمّا الدلالة الثانية المتعلّقة بتسمية جيش الغضب فإنّها إشارة لما يختزنه عواطف هؤلاء الأنصار من رفض للواقع ومعارضة للنظام العالمي الزائف المليء ظلماً وضلالاً ، فهم غاضبون لربّهم ودينهم وإمامهم وللمستضعفين والمحرومين لا تأخذهم في ذلك لومة لائم ، ـ جيء للإمام علي برجل قيل : إنّه يكذب على الله وعلى رسوله ويستشهدك ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : لقد اعرض وأطول يقول ماذا؟ فقال : يذكر جيش الغضب ، فقال : خلِّ سبيل الرجل ، أولئك قوم يأتون في آخر الزمان قزع كقزع الخريف ، الرجل والرجلان والثلاثة من كلّ قبيلة حتّى يبلغ تسعة ، أما والله ، إنّي لأعرف أميرهم واسمه ومناخ ركابهم ـ (١).
__________________
١ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ٢٤٧.