وان كان غير كامل العقل رجلا أو امرأة ، حرا كان أو عبدا ، فان ذلك لا يجوز له لأنه غير مكلف. والصبي إذا كان كبيرا ولم يبلغ الحلم ، فاغتر به بعض المشركين (١) وأمنه هذا الصبي لم يصح امانه ، ولا يجوز التعرض له بسوء حتى يرد إلى مأمنه ، فإذا حصل إلى مأمنه أو في الموضع الذي يأمن فيه على نفسه بعد ذلك ، صار حربيا لأنه دخل علينا بشبهته ، فلا يجوز مع ذلك الغرر به.
فاذا استذم (٢) قوم من المشركين قوما من المسلمين ، فأشار المسلمون إليهم انكم لا أمان لكم عندنا ، فظنوا انهم قد أمنوا لهم فدخلوا إليهم لم يجز التعرض لهم بل يردون إلى مأمنهم فاذا حصلوا به صاروا حربيا.
وإذا كان مسلم في دار الحرب أسيرا أو مطلقا ، فاعطى الأمان لبعض المشركين لم يجز امانه ، وكذلك لو أمن بعض المسلمين بعض المشركين من بعد الهزيمة وفي حال التمكن منهم والظفر بهم ، لم يجز هذا الأمان أيضا.
والأمان جائز بكل لسان ـ عبارة أو إشارة ـ إذا فهم المخاطب به معناه ، ولفظ الأمان هو : « أجرتك ، أو أمنتك ، أو ذممت لك » فان قال : لا بأس عليك ، أو لا تخفف أو لا تذهل (٣) ، أو ما عليك خوف ، أو ما أشبهه ، أو كلمه (٤) أو قال ما معناه بلغة أخرى فإن علم من قصده انه أراد الأمان كان ذلك أمانا ، لأن المراعي هاهنا القصد لا اللفظ ، فان لم يقصد ذلك ودخل اليه لم يجز التعرض له بسوء لأنه دخل على شبهته ، ويجب ان يرد إلى مأمنه ، فإذا حصل به صار حربا كما ذكرنا في غيره فيما تقدم.
وإذا كان بعض المشركين في حصن ، فقال : واحد منهم للمسلمين : أعطوني أمانا على ان افتح لكم الحصن ، فأعطوه الأمان ، فقال لأصحابه : قد أخذت الأمان
__________________
(١) فزعم الصحة ، وفي نسخة « فاعتبر » بدل « فاغتر ».
(٢) في نسختين « استندم » والظاهر انها تصحيف والصحيح ما أثبتناه.
(٣) الذهول : هو الذهاب عن الأمر بدهشة.
(٤) كذا في نسخة وفي أخرى تحتمل الكلمة أن تكون « كله » والظاهر انها هو الصحيح والمراد انه قال كل هذه الألفاظ.