لكم ، ففتحوا الحصن ، نظر في أمرهم ، فإن كان المسلمون علموا (١) بما فعل صاحبهم معهم لم يجز لهم ان يفعلوا معهم ما يجوز فعله بهم لو فتحوا الحصن عنوة من سبى وغيره ، وان لم يكونوا علموا ذلك ، فعلوا بهم ما يجوز لهم لو فتحوه عنوة ، لم يكن عليهم شيء لان ذلك غرر من صاحبهم لا من المسلمين ، الا انه إذا علموا ذلك استحب لهم ان لا يسبوهم ، ويجزونهم في ان يكونوا ذمة في دار الإسلام ، أو يمضوا حيث شاءوا بأنفسهم وذراريهم ، من غير شيء يستعينون به على قتال المسلمين من سلاح وما أشبهه.
وإذا دخل الحربي دار الإسلام في تجارة ، بأمان رجل من المسلمين على نفسه وجميع أسبابه ، كان أمنا على نفسه وماله وعلى من يكون في صحبة من قرابة وغيرها ، سواء خرجوا مجتمعين في دفعة واحدة أو متفرقين.
وإذا دخل المشرك دار الإسلام بأمان ، ثم خرج الى دار الشرك بغير أمر الامام ولا من نصبه الامام ولا في حاجة ولا في تجارة بل للاستئطان فقط ، انتقض الأمان على نفسه ولم ينتقض عن ماله إذا كان قد ترك ما لا في دار الإسلام ، والأمان قائم في ماله ما دام حيا ، فان مات انتقل ميراثه الى ورثته من أهل الحرب ان لم يكن له وارث مسلم يحجبهم عنه ، وينتقض الأمان في المال لأنه مال كافر ليس بيننا وبينه أمان ـ لا في نفسه ولا في ماله ـ ويكون فيئا للإمام خاصة ، لأنه لم يؤخذ بالسيف فهو مثل ميراث من لا وارث له.
وإذا أخذ أمانا لنفسه ودخل دار الإسلام ، ثم مات وترك بها مالا وكان له وارث في دار الحرب فالحكم فيه كالحكم في المسئلة المتقدمة ، وقد ذكر انه يرد الى ورثته الكفار ، وهذا فاسد لأنه حينئذ مال من لا أمان بيننا وبينه لا في نفسه ولا في ماله.
وإذا اعطى المسلمون الأمان لرجل من المشركين في حصن وفتح الحصن ولم يعرف الرجل المذكور بعينه ، نظر في ذلك ، فان كان الجيش الذي فتحوا
__________________
(١) في نسخة « عملوا » بدل « علموا ».