المثل (١) فان قال له صاحبه : اتركه بمكة ولا ترده ، لم يجز للغاصب رده لأنه قد خفف عنه مؤنة نقله.
فان قال للغاصب : عليك الرد إلا اننى لا أكلفك ذلك ، أعطني اجرة رده الى مصر ، لم يلزم الغاصب ذلك لان الواجب عليه هو المنفعة فلا يملك مطالبته بالبدن ، لان مع القدرة على المثل لا يضمن القيمة.
وإذا غصب إنسان شيئا من الفواكه التي لا تبقى ، مثل الموز والتفاح والكمثرى (٢) وما أشبه ذلك ، فتلف ذلك في يده وتأخرت المطالبة بقيمته ، كان عليه أكثر ما كانت قيمته من وقت الغصب الى وقت التلف. فاذا كان الغصب مما يجرى فيه الربا كالأثمان والمكيل والموزون فجنى عليه جناية ، استقر ارشها ، مثل ان كان الغصب دنانير ثم سبكها أو طعاما فبله فاستقر نقصه كان عليه رده بعينه وعليه ضمان ما نقص.
وإذا غصب إنسان عبدا فرده وهو أعور ، واختلفا فقال سيده : عور عندك ، وقال الغاصب : بل عندك ، كان القول قول الغاصب مع يمينه ، لأنه غارم. فان اختلفا في ذلك بعد موت العبد ودفنه كان القول قول السيد : بأنه ما كان أعور. والفرق بينهما انه إذا مات ودفن فالأصل السلامة حتى يعرف عيب فكان القول قول سيده ، وليس كذلك إذا كان حيا لان العور موجود مشاهد والظاهر انه لم يزل (٣) حتى يعلم انه حدث عند الغاصب.
وإذا غصب إنسان جارية فولدت ولدا مملوكا كان عليه رده. فان كانت قيمتها نقصت بالولادة كان عليه مع رد الولد أرش ما نقصت. فان كان الولد قائماً رده وان كان تالفا رد قيمته.
__________________
(١) لان المالك يملك « عمل الرد الى مصر » على ذمة الغاصب ، فالغاصب ضامن بهذا العمل وهو يجرى ضمان المثل ، وفي ذيل المسئلة ما يوضحه.
(٢) المكثرى : الإجاص ( ويقال : بالفارسية گلابى )
(٣) لعل معناها : لم يزل موجودا قبل الغصب