أن أبي بن كعب قال : يا رسول الله أن عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب ، الصغار والكبار وأولات الأحمال ، فأنزل الله تعالى (وَاللّائِي يَئِسْنَ) إلى قوله : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١).
ولا يجوز أن يكون الارتياب بأنها يائسة من الحيض أو غير يائسة ، لأنه تعالى قد قطع فيمن تضمنته الآية باليأس من المحيض بقوله (وَاللّائِي يَئِسْنَ) والمرتاب في أمرها لا تكون يائسة ، وإذا كان المرجع في حصول حيض المرأة وارتفاعه إلى قولها ، وكانت مصدقة فيما تخبر به من ذلك ، وأخبرت بأحد الأمرين ، لم يبق للارتياب في ذلك معنى ، وكان يجب لو كان الريبة راجعة إلى ذلك أن يقول : (إذا ارتبن) لأن الحكم في ذلك يرجع إلى النساء ويتعلق بهن.
ولا يجوز أن يكون الارتياب بمن تحيض أو لا تحيض ممن هو في سنها ، لأنه لا ريب في ذلك. من حيث كان المرجع فيه إلى العادة ، على أنه لا بد فيما علقنا به الشرط وجعلنا الريبة واقعة فيه من مقدار عدة من تضمنته الآية ، من أن يكون مرادا ، من حيث لم يكن معلوما لنا قبل الآية ، وإذا كانت الريبة حاصلة فيه بلا خلاف تعلق الشرط به ، واستقل بذلك الكلام ، ومع استقلاله يتعلق الشرط بما ذكرناه ، ولا يجوز أن يعلق بشيء آخر ، كما لا يجوز فيه لو كان مستقلا اشتراطه.
وأما ما يقوم مقام الطلاق :
فانقضاء أجل المتمتع بها ، وعدتها قرءان إن كانت ممن تحيض ، وخمسة وأربعون يوما ، إن كانت ممن لا تحيض ، بدليل إجماع الطائفة.
والمتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حائلا ، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام ، سواء كانت صغيرة أو كبيرة ، مدخولا بها ، أو غير مدخول بها ، بلا خلاف ،
__________________
(١) الدر المنثور : ٨ ـ ٢١٠ ذيل الآية والقرطبي : ١٨ ـ ١٩٣ ذيل الآية.