.................................................................................................
______________________________________________________
الأوّل ، وقد خرج عنه السفر حيث ثبت القصر ، ولم ينقطع. فالواجب هو التقصير لعدم حدوث الموجب للتمام.
وهذا التقريب وإن كان له وجه في بادي الرأي ، إلّا أنّ دقيق النظر يقضي بخلافه ، لما هو المقرر في محلّه (١) من أنّ الحكم المتعلّق بعنوان تابع لفعلية ذلك العنوان حدوثاً وبقاءً كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقية إلّا إذا قام الدليل بالخصوص على كفاية مجرّد الحدوث في بقاء الحكم كما في الوطن الشرعي على القول به ، حيث دلّ الدليل على أنّ من سكن في مكان له فيه ملك ستّة أشهر أتمّ صلاته مهما دخله وإن أعرض عنه ، وكما في المحدود حيث لا يصلح لإمامة الجماعة ولو صار ورعاً تقياً ، فثبوت الحد آناً ما يوجب سلب هذا المنصب عنه مؤبّداً.
وحيث إنّ المفروض في المقام أنّ مطلق السفر لم يكن موضوعاً للقصر ، بل حصّة خاصّة منه ، وهو المعنون بعدم كونه سفر المعصية بمقتضى النصوص المتقدّمة (٢) ، فلا بدّ وأن يكون الموضوع باقياً بقيوده ليحكم عليه بالقصر ، فلو تبدّل بعضها ولو بقاءً تغيّر الحكم حتماً.
وبما أنّ السفر المباح الموجب للقصر لم يبق في المقام محتفظاً بقيوده ، بل تبدّل إلى سفر المعصية فلا جرم ينقلب حكمه إلى التمام ، لا لأجل أنّ سفر المعصية يقتضيه ليدّعى أنّه لا اقتضاء فيه ، بل لأجل زوال مقتضى القصر بقاءً بارتفاع موضوعه الموجب للعود إلى التمام ، الذي هو مقتضى الوضع الأوّل كما مرّ.
ونظير المقام ما لو قطع المسافة ثمّ اتّصف بكونه مكارياً ونحوه ممّن شغله السفر ، أو بدا له في طلب الصيد لهواً ، فإنّه يحكم عليه بقاءً بوجوب التمام بلا
__________________
(١) [أُشير إلى ذلك في موارد منها ما في مصباح الأُصول ٢ : ٤٦ وما بعدها].
(٢) في ص ٩٥ وما بعدها.