.................................................................................................
______________________________________________________
فانّ الحكم بالصحّة إن كان مستنداً إلى دعوى كفاية مجرّد القصد في تحقّق القصر من غير حاجة إلى واقع المسافة كما هو الحال في الإقامة ، حيث إنّ الموجب للانقلاب من القصر إلى التمام مجرّد قصدها حتّى واقعاً ، ولا حاجة إلى إقامة عشرة أيام خارجاً ، بحيث لو بدا له فعدل أو مات فلم يقم عشرة صحّ ما أتى به حتّى في الواقع ونفس الأمر.
ففيه : أنّ هذا خلاف ظواهر نصوص المسافة جزماً ، فإنّها برمّتها تدلّ على التحديد بنفس المسافة ، وأنّه لا يقصّر إلّا في بريدين أو بريد ذاهباً وبريد جائياً (١) ، فالموضوع هو نفس البريدين لا قصدهما ، فلا يقاس المقام بقصد الإقامة الذي قام النصّ الخاصّ بكفاية مجرّد القصد في ذلك الباب.
نعم ، استفدنا من قوله (عليه السلام) في موثقة عمّار المتقدّمة : «لا يكون مسافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ» (٢) لزوم القصد أيضاً من الأوّل ، فكان كلّ من القصد وثمانية فراسخ جزء الموضوع وكلاهما تمام الموضوع وأمّا الاكتفاء بالقصد المجرّد من غير ضمّ المسافة كما كان كذلك في باب الإقامة فتأباه نصوص المقام جدّاً كما عرفت.
وإن كان مستنداً إلى صحيحة زرارة المتضمّنة لعدم الإعادة في من صلّى قصراً قبل العدول ، التي تقدّمت سابقاً (٣).
ففيه : مضافاً إلى معارضتها بصحيحة أبي ولاد فلا يتم الحكم في المقيس عليه كما تقدّم في محلّه (٤) ، أنّه لو سلّم فالحكم مخصوص بمورده ، وهو العدول عن أصل السفر ، فلا وجه للتعدِّي عنه إلى المقام أعني العدول عن المباح إلى
__________________
(١) وقد تقدّم بعضها في ص ٤ ٥.
(٢) الوسائل ٨ : ٤٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ٣.
(٣) في ص ٥١.
(٤) في ص ٥١.